الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالحَدِيثُ رواه أبو داود بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ».
وَالحَدِيثُ الشَّرِيفُ يُفِيدُ كَمَا قَالَ العُلَمَاءُ وَالفُقَهَاءُ، مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ مُـصِرَّاً عَلَى الهَجْرِ وَالقَطِيعَةِ دَخَلَ النَّارَ، إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى تَعْذِيبَهُ مَعَ عُصَاةِ المُوَحِّدِينَ، ثُمَّ تَكُونُ نَتِيجَتُهُ إلى الجَنَّةِ.
وَإِمَّا أَنْ يُدْخِلَهُ النَّارَ خَالِدَاً مُؤَبَّدَا إِنِ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِحُرْمَتِهِ وَالإِجْمَاعِ عَلَيْهَا.
وروى الحاكم عَنْ أَبِي خِرَاشٍ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ».
يَعْنِي يَكُونُ الهَاجِرُ لِأَخِيهِ سَنَةً آثِمَاً كَأَنَّهُ سَفَكَ دَمَهُ عُدْوَانَاً وَظُلْمَاً.
وبناء على ذلك:
فَمَنْ مَاتَ وَهُوَ هَاجِرٌ لِأَخِيهِ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ ابْتِدَاءً، ثُمَّ تَنَالُهُ الشَّفَاعَةُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِلَّاً الهَجْرَ، أَو يَدْخُلُ النَّارَ خُلُودَاً إِذَا كَانَ مُسْتَحِلَّاً هَذَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةً مِنَ الكَبَائِرِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |