بيت أبيه من حرام

9280 - بيت أبيه من حرام

13-11-2018 3194 مشاهدة
 السؤال :
والدي رَحِمَهُ اللهُ تعالى استقرض قرضاً ربوياً، واشترى به بيتاً، وسدد كامل الأقساط، والآن مات والدي رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وصار البيت للورثة، فهل يعتبر تركةً شرعيةً من حقنا أن نقتسمه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9280
 2018-11-13

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: كَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيْكَ وَعَلَى إِخْوَتِكَ وَأُمِّكَ أَنْ تُذَكِّرُوا وَالِدَكَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى بِخُطُورَةِ مَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ آكِلَ الرِّبَا وَمُطْعِمَهُ سَوَاءٌ في اللَّعْنَةِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، روى الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ؛ وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ».

لِأَنَّ الأَمْرَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ وَاجِبٌ شَرْعَاً عَلَى الأُمَّةِ، وَإِقْدَامُ وَالِدِكَ عَلَى ذَلِكَ فِيهِ خُطُورَةٌ وَجُرْأَةٌ عَلَى حُدُودِ اللهِ تعالى، وَانْتِهَاكِ حُرُمَاتِهِ، كَيْفَ اجْتَرَأَ عَلَى ذَلِكَ، وَاللهُ تعالى يَقُولُ: ﴿يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا ﴾؟ وَيَقُولُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾؟

ثانياً: وَالِدُكَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى مَلَكَ هَذَا البَيْتَ مِلْكَاً حَرَامَاً، وَهُوَ لَيْسَ بِآكِلٍ للرِّبَا، بَلْ هُوَ مُطْعِمٌ للرِّبَا، وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَتُوبَ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ، وَمَا مَلَكَهُ الإِنْسَانُ مِلْكَاً حَرَامَاً وَجَبَ عَلَيْهِ التَّخَلُّصُ مِنْ هَذَا الحَرَامِ، وَذَلِكَ بِصَرْفِهِ للفُقَرَاءِ، وَهَذَا عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الفُقَهَاءِ.

وَلَكِنَّ بَعْضَ الفُقَهَاءِ قَالَ: مَنِ اقْتَرَضَ مَالَاً رِبَوِيَّاً، وَاشْتَرَى بِهِ بَيْتَاً، فَعَلَ فِعْلَاً حَرَامَاً، وَكَبِيرَةً مِنَ الكَبَائِرِ، وَعَلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ وَالاسْتِغْفَارِ وَالنَّدَمِ عَلَى مَا حَصَلَ مِنْهُ، وَلَا حَرَجَ مِنَ الانْتِفَاعِ بِالبَيْتِ وَتَوَارُثِهِ، مَعَ رَجَاءِ اللهِ تعالى أَنْ يَغْفِرَ وَيَتَجَاوَزَ وَيَرْحَمَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالبَيْتُ مَلَكَهُ وَالِدُكَ رَحِمَهُ اللهُ تعالى مِلْكَاً حَرَامَاً، وَالمَالُ الحَرَامُ يُصْرَفُ في مَصَارِفِ الزَّكَاةِ، لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنَ الحَرَامِ، وَوَالِدُكَ كَانَ مُطْعِمَاً للرِّبَا، لَا آكِلَاً.

وَأَمَّا اقْتِسَامُهُ بَيْنَ الوَرَثَةِ فَمَسْأَلَةٌ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الفُقَهَاءِ، وَأَنَا أَمِيلُ إلى تَحْرِيمِ تَقْسِيمِهِ عَلَى الوَرَثَةِ، بَلْ يَجِبُ التَّخَلُّصُ مِنَ المَالِ الحَرَامِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3194 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1486
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 311
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 697
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2997
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1342
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7745
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3165
المكتبة الصوتية 4799
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414907861
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :