الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا هَامَةَ». بِتَخْفِيفِ المِيمِ، وَشُرِحَتْ مِنْ قِبَلِ العُلَمَاءِ بِمَعْنَيَيْنِ:
الأَوَّلُ: هِيَ طَائِرٌ يُشْبِهُ البُومَةَ، أَو هِيَ البُومَةُ، وَكَانَتِ العَرَبُ تَتَشَاءَمُ مِنْهَا إِذَا سَقَطَتْ عَلَى دَارِ أَحَدِهِمْ، فَيَظُنُّونَ أَنَّهَا مُبَشِّرَةٌ لِأَهْلِ البَيْتِ بِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ.
الثَّانِي: أَصْلُ مَعْنَى كَلِمَةِ الهَامَةِ هِيَ الرَّأْسُ، وَكَانَ العَرَبُ يَزْعُمُونَ أَنَّ الهَامَةَ طَائِرٌ يَخْرُجُ مِنْ هَامَةِ القَتِيلِ، وَيَقُولُ: اسْقُونِي اسْقُونِي، حَتَّى يُؤْخَذَ بِثَأْرِهِ، وَغَالِبُ العَرَبِ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ هَذَا الطَّائِرَ هُوَ البُومَةُ فَيَتَشَاءَمُونَ مِنْهَا.
وَسَبَبُ اعْتِقَادِهِمْ وَتَشَاؤُمِهِمْ مِنَ البُومِ وَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الخَرَابِ أَو المَوْتِ كَوْنُ مَعِيشَةِ هَذَا الطَّائِرِ تَكُونُ غَالِبَاً في الخَرَائِبِ حَيْثُ يَصْطَادُ الأَفَاعِيَ الصَّغِيرَةَ وَبَعْضَ القَوَارِضِ كَالفِئْرَانِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَقَدْ كَانَتِ العَرَبُ تَتَشَاءَمُ مِنَ البُومَةِ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهَا مُنْذِرٌ بِوَفَاةِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ إِذَا وَقَعَتْ عَلَى سَطْحِ بَيْتِ أَحَدِهِمْ.
وَبَعْضُهُمْ يَعْتَقِدُ أَنَّ عِظَامَ المَيْتِ إِذَا بَلِيَتْ خَرَجَتْ رُوحُ المَيْتِ وَكَانَتْ في الهَامَةِ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِيُبْطِلَ هَذِه العَادَاتِ الجَاهِلِيَّةَ، وَبَيَّنَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ، وَلَا صَفَرَ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |