الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: لَا يُشْتَرَطُ في زَكَاةِ الزَّرْعِ الحَوْلُ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾. لِأَنَّ الْخَارِجَ نَمَاءٌ فِي ذَاتِهِ، فَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فَوْرَاً، بِخِلَافِ سَائِرِ الأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ فَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْحَوْلُ.
ثانياً: ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ الزَّكَاةَ في الزُّرُوعِ لَا تَجِبُ إِلَّا إِذَا بَلَغَتْ نِصَابَاً، وَالنِّصَابُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ (الوَسْقُ: سِتُّونَ صَاعَاً، وَالصَّاعُ مَا يُعَادِلُ تقريباً 4 كغ، فَيَكُونُ الوَسْقُ 240 كغ، والخَمْسَةُ أَوْسُقٍ 1200 كغ) وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الوَرِقِ صَدَقَةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الإِبِلِ صَدَقَةٌ» راه الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَخَالَفَ في ذَلِكَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَقَالَ: لَا يُشْتَرَطُ نِصَابٌ لِزَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ، بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ في القَلِيلِ وَالكَثِيرِ مَا لَمْ يَكُنْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ.
ثالثاً: يُؤْخَذُ مِنْ زَكَاةِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ عُشْرُ الخَارِجِ إِذَا سُقِيَ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ، كَالذي يَـشْرَبُ بِمَاءِ المَطَرِ، أَو بِمَاءِ الأَنْهَارِ سَيْحَاً، أَو يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ، وَهُوَ مَا يُزْرَعُ في الأَرْضِ التي مَاؤُهَا قَرِيبٌ مِنْ وَجْهِهَا.
أَمَّا إِذَا كَانَتِ الزُّرُوعُ وَالثِّمَارُ تُسْقَى بِكُلْفَةٍ فَيُؤْخَذُ مِنَ الخَارِجِ نِصْفُ الـعُشْرِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيَّاً العُشْرُ (العَثَرِيُّ: هُوَ النَّخِيلُ الذي يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ مَاءِ المَطَرِ يَجْتَمِعُ في حَفِيرَةٍ) وَمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الـعُشْرِ» رواه الإمام البخاري عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا يُشْتَرَطُ في زَكَاةِ الزَّيْتُونِ حَوَلَانُ الحَوْلِ، بَلْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ مُبَاشَرَةً بَعْدَ الحَصَادِ، وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ نِصَابٌ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ، وَيُشْتَرَطُ لَهُ النِّصَابُ عِنْدَ الجُمْهُورِ، وَنِصَابُهُ هُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ (الوَسْقُ: سِتُّونَ صَاعَاً) وَيَجِبُ فِيهِ العُشْرُ إِذَا كَانَ يُسْقَى بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَنِصْفُ العُشْرِ إِذَا كَانَ يُسْقَى بِكُلْفَةٍ.
وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ كُلِّ الخَارِجِ، فَلَا يُطْرَحُ مِنْهُ أُجْرَةُ العُمَّالِ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ، بَلْ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ كَامِلِ المَحْصُولِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |