الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: هَجْرُ الزَّوْجَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ ظُلْمٌ شَدِيدٌ، يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقَاً رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ» رواه أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
فَمَنْ هَجَرَ زَوْجَتَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَقَدْ ظَلَمَهَا ظُلْمَاً شَدِيدَاً، وَالظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَذَرَهَا كَالمُعَلَّقَةِ، لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَلَيْسَتْ بِمُطَلَّقَةٍ.
ثانياً: ذَكَرَ الفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ للرَّجُلِ المُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ نِسَاءٍ، وَيَجْمَعَ بَيْنَهُنَّ في وَقْتٍ وَاحِدٍ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾.
وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسَاءٍ في وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ عَقَدَ زَوَاجَهُ عَلَى خَامِسَةٍ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ، وَيَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَزَوَاجُ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَةٍ خَامِسَةٍ زَوَاجٌ بَاطِلٌ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُعْتَبَرُ هَجْرُ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ ـ طَالَتِ المُدَّةُ أَمْ قَصُرَتْ ـ طَلَاقَاً.
لِذَلِكَ وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ تعالى مِنْ ظُلْمِهِ لِزَوْجَتِهِ التي هَجَرَهَا إِذَا كَانَ هَجْرُهُ إِيَّاهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُفَارِقَ المَرْأَةِ الخَامِسَةَ التي عَقَدَ عَلَيْهَا، لِأَنَّ عَقْدَهُ بَاطِلٌ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |