الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَهَذِهِ المَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الفُقَهَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ.
أولاً: ذَهَبَ المَالِكِيَّةُ وَالحَنَابِلَةُ إلى أَنَّ إِسْلَامَ الكَافِرِ مُوجِبٌ للغُسْلِ، فَإِذَا أَسْلَمَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَن يَغْتَسِلَ، روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ أُثَالٍ أَوْ أُثَالَةَ أَسْلَمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبُوا بِهِ إِلَى حَائِطِ بَنِي فُلَانٍ، فَمُرُوهُ أَنْ يَغْتَسِلَ».
وروى الترمذي عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ، أَنَّهُ أَسْلَمَ؛ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ.
وَقَالُوا: إِنَّهُ لَا يَسْلَمُ غَالِبَاً مِنْ جَنَابَةٍ، فَأُقِيمَتِ المَظِنَّةُ مَقَامَ الْحَقِيقَةِ.
ثانياً: ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالحَنَفِيَّةُ إلى اسْتِحْبَابِ الغُسْلِ للكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ وَهُوَ غَيْرُ جُنُبٍ، لِأَنَّهُ أَسْلَمَ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَلَمْ يَأْمُرْهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِالغُسْلِ.
أَمَّا إِذَا أَسْلَمَ الكَافِرُ وَهُوَ جُنُبٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الغُسْلُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالغُسْلُ يَجِبُ عَلَى الكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ وَكَانَ جُنُبَاً، وَهَذَا بِالاتِّفَاقِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ جُنُبَاً فَيُسْتَحَبُّ لَهُ الاغْتِسَالُ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَيَجِبُ عِنْدَ المَالِكِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |