الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالقُنُوتُ في صَلَاةِ الوِتْرِ وَاجِبٌ عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ في آخِرِ رَكْعَةٍ، في جَمِيعِ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَإِذَا فَاتَ القُنُوتُ وَجَبَ عَلَى المُصَلِّي سُجُودُ السَّهْوِ، وَهَيْئَةُ الْقُنُوتِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ إِلَى صَدْرِهِ حَالَ قُنُوتِهِ وَيَبْسُطَهُمَا وَبُطُونَهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ، وَلَوْ كَانَ مَأْمُومَاً، وَيَقُولَ: اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ، وَنَسْتَهْدِيكَ، وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنَتُوبُ إِلَيْكَ، وَنُؤْمِنُ بِكَ، وَنَتَوَكَّل عَلَيْكَ، وَنُثْنِي عَلَيْكَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، نَشْكُرُكَ وَلَا نَكْفُرُكَ، اللَّهُمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ، وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إِنَّ عَذَابَكَ الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِل مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَبِكَ مِنْكَ، لَا نُحْصَى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ.
وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ مَا شَاءَ مِمَّا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِهِ في الصَّلَاةِ.
وَقَدْ وَرَدَ في مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قُنُوتِ عُمَرَ فِي الْفَجْرِ، فَقَالَ: كَانَ يَقْنُتُ بِقَدْرِ مَا يَقْرَأُ الرَّجُلُ مِائَةَ آيَةٍ.
وَالمَأْمُومُ يُؤَمِّنُ عَلَى دُعَاءِ الإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ دُعَاءَهُ دَعَا هُوَ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالاعْتِدَالُ في الدُّعَاءِ هُوَ الأَوْلَى، وَخَيْرُ الأُمُورِ الوَسَطُ، وَقَدْ نَهَتِ الشَّرِيعَةُ أَنْ نَشُقَّ عَلَى النَّاسِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ في كُلِّ لَيْلَةٍ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ» رواه الشيخان عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
فَعَلَى الإِمَامِ أَنْ لَا يَشُقَّ عَلَى النَّاسِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ فِيهِمُ الضُّعَفَاءُ، وَأَصْحَابُ الحَاجَةِ، وَالمَرْضَى، وَأَنْ يَبْتَعِدَ عَنِ الأَدْعِيَةِ المُخْتَرَعَةِ المَسْجُوعَةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |