الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
روى البيهقي والبزار عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثَرُ أَهْلِ الجَنَّةِ البُلْهُ» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.
وَجَاءَ عَنْ سَهْلُ التُّسْتَرِيِّ بِأَنَّهُمُ الذينَ وَلِهَتْ قُلُوبُهُمْ وَشُغِلَتْ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَعَنْ غَيْرِهِ قَالَ: الأَبْلَهُ في دُنْيَاهُ الفَقِيهُ في دِينِهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ الأَعْمَى عَنِ الشَّرِّ البَصِيرُ بِالخَيْرِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالحَدِيثُ ضَعِيفٌ، وَمَعْنَى البُلْهُ: هُمُ الذينَ غَلَبَتْ عَلَيْهِمْ سَلَامَةُ الصُّدُورِ، وَأَحْسَنُوا الظَّنَّ بِالنَّاسِ، وَأَقْبَلُوا عَلَى آخِرَتِهِمْ، وَأَعْرَضُوا عَنْ دُنْيَاهُمْ، فَاسْتَحَقُّوا أَنْ يَكُونُوا أَكْثَرَ أَهْلِ الجَنَّةِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى» رواه الإمام أحمد والحاكم عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَلَا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ المَقْصُودَ بِالبُلْهِ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ، فَهَذَا غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَاللهُ تعالى أَعْلَمُ كَيْفَ يَكُونُ مَصِيرُهُ يَوْمَ القِيَامَة عِنْدَمَا يُدْخِلُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ الجَنَّةَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |