الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَـشْرٌ مِنَ الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ المَاءِ، وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ البَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِبِطِ، وَحَلْقُ العَانَةِ، وَانْتِقَاصُ المَاءِ» قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ العَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ المَضْمَضَةَ.
مَعْنَى انْتِقَاصِ المَاءِ: كَمَا فَسَّرَهُ وَكِيعُ بْنُ الجَرَّاحِ بِالاسْتِنْجَاءِ.
وَكَانَ الاسْتِنْجَاءُ مِنَ الفِطْرَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَطْهِيرِ المَحَلِّ وَتَنْظِيفِهِ.
وَمِنْ لَوَازِمِ الاسْتِنْجَاءِ الاسْتِبْرَاءُ، وَهُوَ طَلَبُ البَرَاءَةِ مِنْ أَثَرِ الخَارِجِ، فَيَلْزَمُ الرَّجُلَ الاسْتِبْرَاءُ حَسَبَ عَادَتِهِ بِنَحْوٍ مِنْ مَشْيٍ أَو تَنَحْنُحٍ، بِحَيْثُ لَا يَصِلُ إلى دَرَجَةِ الوَسْوَسَةِ.
وَالمَرْأَةُ تَنْتَظِرُ قَلِيلَاً وَتَغْسِلُ، وَقِيلَ: تَضْغَطُ عَلَى عَانَتِهَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَانْتِقَاصُ المَاءِ هُوَ الاسْتِنْجَاءُ، وَهَذَا مِنَ الفِطْرَةِ، وَيَنْبَغِي عَلَى المُؤْمِنِ الاهْتِمَامُ بِذَلِكَ وَبِدُونِ وَسْوَسَةٍ، لِأَنَّ عَامَّةَ عَذَابِ القَبْرِ مِنَ البَوْلِ، روى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَنَزَّهُوا مِنَ البَوْلِ، فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ».
وروى الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَـمْشِي بِالنَّمِيمَةِ». هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |