قَبَّلَ امرأة وتاب إلى الله تعالى

9432 - قَبَّلَ امرأة وتاب إلى الله تعالى

29-01-2019 1016 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن رجلاً قَبَّلَ امرأة، ثم جاء إلى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تائباً وأخبره بالذي حصل، فنزل قول الله تعالى في حقه: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفَاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9432
 2019-01-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى الإمام البخاري عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلَاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفَاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾.

قَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذِهِ؟

قَالَ: «لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي».

ثانياً: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ مُهِمَّةَ القَاضِي وَرَاعِي الأُمَّةِ أَنْ يُرَاقِبَ المُجْتَمَعَ، فَإِذَا حَصَلَتْ مَعْصِيَةٌ تُوجِبُ الحَدَّ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُقِيمَ الحَدَّ، وَإِذَا حَصَلَتْ مَعْصِيَةٌ دُونَ الحَدِّ يَجِبُ عَلَى القَاضِي أَنْ يُعَزِّرَ العَاصِيَ.

وَهَذَا التَّعْزِيرُ وَاجِبٌ عَلَى الإِمَامِ لِرَدْعِ الجَانِي وَزَجْرِهِ وَإِصْلَاحِهِ وَتَهْذِيبِهِ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ العُقُوبَاتِ، وَلَكِنْ دُونَ إِقَامَةِ الحَدِّ، حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ ارْتَدَعَ بِذَلِكَ.

وَإِذَا جَاءَ العَاصِي تَائِبَاً وَمُقِرَّاً وَمُعْتَرِفَاً وَنَادِمَاً فَلَا يُعَزِّرُهُ القَاضِي.

ثالثاً: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ كَذَلِكَ مِنْ هَذَا الحَدِيثِ الـشَّرِيفِ، الذي أَرْشَدَنَا إلى أَنَّ الصَّلَاةَ مُكَفِّرَةٌ للذُّنُوبِ، لَا يَعْنِي أَنْ يَجْترِئَ العَبْدُ عَلَى فِعْلِ المَعَاصِي وَيُقْدِمَ عَلَيْهَا، وَيُـصِرَّ عَلَيْهَا بِحُجَّةِ أَنْ يَعْمَلَ الحَسَنَاتِ فَتُكَفِّرَ الحَسَنَاتُ سَيِّئَاتِهِ؛ هَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ فَضْلَاً عَنْ عَالِمٍ.

لِأَنَّهُ مَنْ يَضْمَنُ لِهَذَا العَبْدِ بَعْدَ المَعْصِيَةِ أَنْ يَأْتِيَ بِالحَسَنَاتِ؟

هَلْ يَضْمَنُ لِنَفْسِهِ أَنْ لَا يَمُوتَ بَعْدَ المَعْصِيَةِ، وَاللهُ تعالى يَقُولُ في حَقِّ مَنْ خُتِمَ لَهُ بِالسَّيِّئَةِ: ﴿وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾؟

وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ قَوْلَ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: لَا كَبِيرَةَ معَ الاسْتِغْفَارِ، وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ الإِصْرَارِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَالذي فَعَلَ مَا فَعَلَ جَاءَ تَائِبَاً نَادِمَاً وَمُقِرَّاً وَمُسْتَغْفِرَاً وَمُسَلِّمَاً نَفْسَهُ لِمَا يَرَاهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ تُسَوَّلُ لَهُ نَفْسُهُ العَوْدَةَ إِلى الذَّنْبِ ثَانِيَّةً.

وَلْيَحْذَرِ المُسْلِمُ مِنْ تَزْيِينِ الشَّيْطَانِ لَهُ حَيْثُ يُوقِعُهُ في المَعْصِيَةِ بِحُجَّةِ أَنَّهُ يَفْعَلُ بَعْدَ ذَلِكَ الطَّاعَةَ.

وَقَدْ ذَكَرَ الفُقَهَاءُ شُرُوطَ صِحَّةِ التَّوْبَةِ، فَقَالُوا هِيَ ثَلَاثَةٌ، النَّدَمُ عَلَى مَا فَعَلَ، وَالجَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ، بَعْدَ الإِقْلَاعِ عَنْهَا.

وَأَمَّا التَّائِبُ مِنْ ذَنْبِهِ بِغَيْرِ إِقْلَاعٍ كَالمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1016 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالحديث الشريف

 السؤال :
 2025-05-14
 377
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». فَمَا تَفْسِيرُ شَرْحُ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى»؟
 السؤال :
 2025-02-27
 396
جَاءَ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَفَعَهُ: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلاَ مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ». مَاذَا يُفِيدُ هَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ؟
 السؤال :
 2025-02-27
 599
رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُومُوا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ بِي، إِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ». أَلَيْسَ فِي هَذَا الحَدِيثِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الاسْتِغَاثَةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 462
رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ، لَا أَدْرِي مَا هُوَ فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا، وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا، مَا أَصَابَهُ هَذَانِ، قَالَ: «وَمَا ذَاكِ» قَالَتْ: قُلْتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا، قَالَ: «أَوَ مَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ، أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا». وَرَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا، وَلَا لَعَّانًا، وَلَا سَبَّابًا، كَانَ يَقُولُ عِنْدَ المَعْتَبَةِ: «مَا لَهُ تَرِبَ جَبِينُهُ». فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 457
مَا شَرْحُ الحَدِيثِ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ»؟
 السؤال :
 2024-08-08
 1132
مَا مَعْنَى الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا»؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3234
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424572623
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :