الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى لِأَعَفِّ النِّسَاءِ وَأَطْهَرِهِنَّ، وَأَعَفِّ الزَّوْجَاتِ وَأَكْمَلِهِنَّ، في زَمَنِ الطُّهْرِ وَالعَفَافِ: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلَاً مَعْرُوفَاً﴾. فَإِذَا كَانَ هَذَا الخِطَابُ لِأُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ فَلِغَيْرِهِنَّ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَوْلَى.
لَقَدْ أُمِرَتِ المَرْأَةُ المُسْلِمَةُ أَنْ لَا تَلِينَ في قَوْلِهَا، وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا جَزْلَاً، وَكَلَامُهَا فَصْلَاً، وَلَا يَكُونَ عَلَى وَجْهٍ يُظْهِرُ في القَلْبِ عَلَاقَةً بِمَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ مِنَ اللِّينِ، كَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ الحَالُ في نِسَاءِ العَرَبِ مِنْ مُكَالَمَةِ الرِّجَالِ بِتَرْخِيمِ الصَّوْتِ وَلِينِهِ، مِثْلُ كَلَامِ المُرِيبَاتِ وَالمُومِسَاتِ.
فَالمَرْأَةُ المُسْلِمَةُ مَأْمُورَةٌ بِخَفْضِ الكَلَامِ في حَـضْرَةِ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ، لِأَنَّ صَوْتَهَا في الغِنَاءِ وَالنَّشِيدِ وَاللَّحْنِ فِيهِ فِتْنَةٌ، وَهُوَ مِنَ الخُضُوعِ بِالقَوْلِ، وَأَيُّ خُضُوعٍ أَعْظَمُ مِنْ خُضُوعِ النَّشِيدِ وَالغِنَاءِ، وَمَا فِيهِ مِنَ التَّلْيِينِ وَالتَّمْطِيطِ وَالتَّرْقِيقِ؟
وَالأَسْوَأُ حَالَاً إِذَا قُرِنَ مَعَ لِينِ قَوْلِهَا وَخُضُوعِهَا وَتَمْطِيطِ كَلَامِهَا وَتَرْقِيقِهِ الآلَاتُ المُوسِيقِيَّةُ، المُحَرَّمَةُ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَيَحْرُمُ مَدِيحُ المَرْأَةِ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمَامَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَقْرُونَاً بِالمُوسِيقَا أَمْ لَا، وَإِذَا كَانَ مَقْرُونَاً بِالمُوسِيقَا فَالتَّحْرِيمُ أَشَدُّ، وَأَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرُدَّنَا إلى دِينِهِ رَدَّاً جَمِيلَاً. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.