الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَهَذَا الإِنْسَانُ وَكِيلٌ عَنْ أَصْحَابِ المَالِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ في المَالِ إِلَّا فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ، وَهُوَ مُسْتَأْمَنٌ عَلَى هَذَا المَالِ، فَإِنْ أَخَذَ شَيْئَاً مِنْهُ فَقَدْ خَانَ الأَمَانَةَ، وَالمُؤْمِنُ أَمِينٌ وَمُحَافِظٌ عَلَى الأَمَانَةِ، وَمِنْ صِفَاتِ المُنَافِقِينَ خِيَانَةُ الأَمَانَةِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا يَجُوزُ للوَكِيلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ دُونَ أَنْ يُعْلِمَ أَصْحَابَ الأَمْوَالِ، فَإِنْ أَعْلَمَهُمْ وَوَافَقُوا عَلَى الأَخْذِ فَلْيَأْخُذْ بِالمَعْرُوفِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئَاً وَلَو كَانَ فَقِيرَاً، لِأَنَّهُ مُسْتَأْمَنٌ عَلَى هَذَا المَالِ لِإِيصَالِهِ إلى غَيْرِهِ مِنَ الفُقَرَاءِ ، وَالوَاضِحُ في التَعَامُلِ رَابِحٌ، وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» رواه الإمام مسلم عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذِهِ الزَّكَوَاتِ مِنْ سَهْمِ: ﴿وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا﴾. لِأَنَّهُ لَيْسَ مُوَظَّفَاً مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الأَمْرِ في جَمْعِ زَكَوَاتِ النَّاسِ ، فِإِنْ وَظَّفَهُ وَلِّيُ الأَمْرِ فَوَلِّيُ الأَمْرِ هُوَ الَّذِي يُعْطِيهِ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ وَلَا يَأْخُذُ هُوَ بِنَفُسِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |