الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَهَذَا الحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في صَحِيحِهِ، وَفِيهِ فَوَائِدُ، مِنْهَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يُنْزِلُ المَرْأَةَ في قَبْرِهَا أَنْ يَكُونَ مَحْرَمَاً لَهَا.
وَمِنْهَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُنْزِلَ المَرْأَةَ في قَبْرِهَا رَجُلٌ لَمْ يَقْتَرِفْ إِثْمَاً اللَّيْلَةَ السَّابِقَةَ.
وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُنْزِلَهَا في قَبْرِهَا رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ جَامَعَ أَهْلَهُ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ؛ وَالعِلَّةُ في ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بَعِيدَ العَهْدِ عَنِ المَلَاذِّ وَالشَّهَوَاتِ عِنْدَ دَفْنِ المَيْتِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في صَحِيحِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ فِيكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفِ اللَّيْلَةَ؟» بَعْضُ شُرَّاحِ الحَدِيثِ قَالَ في قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَمْ يُقَارِفِ» يَعْنِي إِثْمَاً.
وَبَعْضُهُمْ قَالَ مَعْنَى: «لَمْ يُقَارِفِ» يَعْنِي لَمْ يُجَامِعْ أَهْلَهُ، لِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنِ الأَهْوَاءِ وَاللَّذَّاتِ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا حَرَجَ مِنْ أَنْ يُنْزِلَ المَرْأَةَ في قَبْرِهَا رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا، وَالأَحَقُّ في إِنْزَالِهَا رَجُلٌ مِنْ مَحَارِمِهَا، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَرَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَكُونَ مُقَارِفَاً إِثْمَاً، وَلَا أَتَى أَهْلَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |