﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ﴾

12421 - ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ﴾

25-02-2023 755 مشاهدة
 السؤال :
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12421
 2023-02-25

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى في سُورَةِ ﴿يس﴾: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾ أَيْ: وَمَنْ نُطِلْ عُمُرَهُ، نَقْلِبْهُ رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ، فَيُصْبِحُ الشَّابُّ هَرِمًا، وَالقَوِيُّ ضَعِيفًا، وَيُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العُمُرِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا﴾.

وَلِهَذَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ بِاللهِ تعالى مِنْ أَنْ يُرَدَّ إلى أَرْذَلِ العُمُرِ، رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، كَانَ يَأْمُرُ بِهَؤُلَاءِ الخَمْسِ: وَيُحَدِّثُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ».

وَيَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: يَخْرُجُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ ضَعِيفًا نَحِيفًا وَاهِنَ الْقُوَى، ثُمَّ يَشِبُّ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى يَكُونَ صَغِيرًا، ثُمَّ حَدَثًا، ثُمَّ مُرَاهِقًا، ثُمَّ شَابًّا ـ وَهُوَ الْقُوَّةُ بَعْدَ الضَّعْفِ ـ ثُمَّ يَشْرَعُ فِي النَّقْصِ فَيَكْتَهِلُ، ثُمَّ يَشِيخُ ثُمَّ يَهْرَمُ ـ وَهُوَ الضَّعْفُ بَعْدَ الْقُوَّةِ ـ فَتَضْعُفُ الْهِمَّةُ وَالْحَرَكَةُ وَالْبَطْشُ، وَتَشِيبُ اللُّمَّةُ، وَتَتَغَيَّرُ الصِّفَاتُ الظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ.

قَوْلُهُ تعالى: ﴿أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾ يَعْنِي: مَنْ فَعَلَ هَذَا، أَو قَدَرَ عَلَى هَذَا، فَإِنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، وَصَدَقَ تَبَارَكَ وتعالى القَائِلُ: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾.

وَلَكِنْ وَللهِ الحَمْدُ أَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الذينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ * فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ * أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾. فَهَؤُلَاءِ بِإِذْنِ اللهِ تعالى لَا يُرَدُّونَ إلى أَرْذَلِ العُمُرِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

755 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالقرآن الكريم

 السؤال :
 2025-05-01
 355
كَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾. آيَةٌ تَقُولُ: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ﴾. وَآيَاتٌ كَثِيرَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يُكَلِّمُهُمْ؟
 السؤال :
 2025-03-17
 291
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِي خَتْمِ القُرْآنِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 2100
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سُورَةَ الإِخْلَاصِ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ؟
 السؤال :
 2023-02-06
 2891
مَا مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾؟
 السؤال :
 2023-01-30
 1161
يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾. فَبِأَيِّ الأَمْرَيْنِ تَمَّتْ نَجَاةُ سَيِّدِنَا يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ؟
 السؤال :
 2023-01-30
 928
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5706
المقالات 3245
المكتبة الصوتية 4881
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 426769170
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :