الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَسَبُّ المُسْلِمِ للمُسْلِمِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».
فَكَيْفَ إِذَا كَانَ السِّبَابُ للزَّوْجِ؟! وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عَظِيمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَلَا تَجِدُ امْرَأَةٌ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا وَلَوْ سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ» رَوَاهُ الحَاكِمُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هَذَا أَوَّلًا.
ثَانِيًا: تَجْرِيحُ الإِنْسَانِ وَشَتْمُهُ في حَالَةِ غِيَابِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَخَاصَّةً أَمَامَ مَنْ يُحِبُّهُ مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟».
قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ».
قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟
قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
فَكَيْفَ إِذَا كَانَ هَذَا للزَّوْجِ وَأَمَامَ أَوْلَادِهِ، سَوَاءٌ في غِيَابِهِ أَو حُضُورِهِ، أَمَا عَرَفَتْ هَذِهِ المَرْأَةُ قَوْلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ».
قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ؟
قَالَ: «يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَمَا تَفْعَلُهُ هَذِهِ المَرْأَةُ حَرَامٌ شَرْعًا، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَسَبُّ الزَّوْجِ وَشَتْمُهُ وَالتَّجْرِيحُ بِهِ أَمَامَ الأَوْلَادِ طَامَّةٌ كُبْرَى، لِأَنَّ في ذَلِكَ تَحْرِيضًا للأَوْلَادِ عَلَى العُقُوقِ وَالعِصْيَانِ لِأَبِيهِمُ الذي هُوَ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ البَابَ أَوْ احْفَظْهُ».
أَنَسِيَتْ هَذِهِ المَرْأَةُ أَنَّهَا مَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟
اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا نِعْمَةَ حُسْنِ الأَخْلَاقِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |