التوفيق بين عدة آيات

13610 - التوفيق بين عدة آيات

01-05-2025 167 مشاهدة
 السؤال :
كَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ﴾. وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾. آيَةٌ تَقُولُ: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ﴾. وَآيَاتٌ كَثِيرَةٌ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يُكَلِّمُهُمْ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13610
 2025-05-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالآيَاتُ الكَرِيمَاتُ الَّتِي فِيهَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُكَلِّمُهُمْ، هِيَ أَنَّ هَذِهِ الكَلِمَاتِ كِنَايَاتٌ عَنْ شِدَّةِ الغَضَبِ، نَعُوذُ بِاللهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ، وَفِيهَا بَيَانُ شِدَّةِ سَخَطِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ.

كَمَنْ يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ كَلَامِهِ، فَيَقُولُ لَهُ: لَا أُكَلِّمُكَ، وَلَنْ أَرَى وَجْهَكَ، وَإِذَا ذُكِرَ أَمَامَهُ لَمْ يُذْكَرْ بِصِفَاتٍ حَمِيدَةٍ، وَكُلُّ هَذَا كِنَايَةٌ عَلَى سَخَطِهِ عَلَيْهِ.

وَبِهَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا يُكَلِّمُهُمُ﴾ أَيْ: بِكَلَامٍ يَسُرُّهُمْ وَيَنْفَعُهُمْ وَيُسْعِدُهُمْ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِالإِحْسَانِ وَالرَّحْمَةِ، لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَرَاهُمْ جَمِيعًا.

وَهُنَا تَجْدُرُ الإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ نَظَرَ اللهِ تَعَالَى إِلَى خَلْقِهِ لَيْسَ كَنَظَرِ البَشَرِ لِلْبَشَرِ، مِنْ تَقْلِيبِ الحَدَقَةِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ، بَلْ هَذَا مُنْدَرِجٌ تَحْتَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَبَّهَ الخَالِقُ بِالمَخْلُوقِ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا، نُثْبِتُ للهِ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ بِدُونِ تَشْبِيهٍ وَلَا تَمْثِيلٍ وَلَا تَكْيِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا كَمَا قَالَ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَاتِهِ القُدْسِيَّةِ، الَّتِي لَا شَبِيهَ لَهَا وَلَا نَظِيرَ وَلَا مِثَالَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الآيَاتِ الكَرِيمَةِ حَتَّى تَحْتَاجَ إلى تَوْفِيقٍ بَيْنَهَا، فَاللهُ تَعَالَى سَيُكَلِّمُ الجَمِيعَ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ».

وَلَكِنْ شَتَانَ بَيْنَ كَلَامٍ وَكَلَامٍ، هُنَاكَ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى مِمَّنْ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ تَعَالَى كَلَامًا يَنْفَعُهُمْ وَيَسُرُّهُمْ، بَلْ كَلَامٌ فِيهِ شِدَّةُ الغَضَبِ وَالسَّخَطِ، وَهُنَاكَ مَنْ يُكَلِّمُهُمْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ كَلَامًا يُسْعِدُهُمْ سَعَادَةً لَا شَقَاوَةَ بَعْدَهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾. إِلَى كَثِيرٍ مِنَ الآيَاتِ وَالأَحَادِيثِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى رِضَا اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُمْ؛ أَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ.

وَبَعْضُهُمْ قَالَ: لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ تَعَالَى ابْتِدَاءً مِنْهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، بَلْ يُكَلِّمُهُمْ عَنْ طَرِيقِ المَلَائِكَةِ الكِرَامِ.

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى الرِّضَا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

167 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالقرآن الكريم

 السؤال :
 2025-03-17
 137
مَا الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِي خَتْمِ القُرْآنِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 1984
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سُورَةَ الإِخْلَاصِ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 621
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2023-02-06
 2420
مَا مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾؟
 السؤال :
 2023-01-30
 1052
يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾. فَبِأَيِّ الأَمْرَيْنِ تَمَّتْ نَجَاةُ سَيِّدِنَا يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ؟
 السؤال :
 2023-01-30
 847
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424805931
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :