الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا.
وقد ذَكَرَ العُلَماءُ الحِكمَةَ من ذلكَ، فقالوا: خَشيَةَ أن يُعَرِّضَ صَلاةَ العِشاءِ للفَواتِ بالنَّومِ قَبلَها، وصَلاةَ الفَجرِ بالسَّهَرِ بَعدَ العِشاءِ، أو خَشيَةَ أن يُفَوِّتَ صَلاةَ العِشاءِ والفَجرِ في جَماعَةٍ.
وبناء على ذلك:
فالنَّومُ قَبلَ صَلاةِ العِشاءِ، والسَّهَرُ بَعدَها يُكرَهُ، وذلكَ خَشيَةً على صَلاةِ العِشاءِ والفَجرِ من الفَواتِ كُلِّيَّاً، أو من فَوَاتِهِما جَماعَةً.
وكذلكَ خَشيَةَ أن يَختِمَ أعمالَهُ بَعدَ صَلاةِ العِشاءِ بِفِعلِ مَعصِيَةٍ من غِيبَةٍ أو نَميمَةٍ أو كَلامٍ لا يُرضي اللهَ عزَّ وجلَّ.
وأمَّا إذا كانَ السَّهَرُ بَعدَ العِشاءِ في طَاعَةٍ لله عزَّ وجلَّ فلا كَراهَةَ فيهِ، كَمَن أرادَ أن يَقرَأَ القُرآنَ العَظيمَ، أو يَتَدَارَسَ العِلمَ، أو يُسامِرَ أهلَهُ وأولادَهُ، أو كانَ في إصلاحٍ بَينَ المُسلِمينَ.
قالَ سَيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَسْمُرُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا مَعَهُمَا. رواه الترمذي. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |