الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَد روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ تُورِدُوا المُمْرِضَ عَلَى المُصِحِّ».
وروى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يُورِدُ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ».
وروى الإمام مالك عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الأَشْجَعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا عَدْوَى، وَلَا هَامَ، وَلَا صَفَرَ، وَلَا يَحُلَّ الْمُمْرِضُ عَلَى الْمُصِحِّ، وَلْيَحْلُلِ الْمُصِحُّ حَيْثُ شَاءَ».
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا ذَاكَ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ أَذًى».
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُصَابًا بِمَرَضٍ مِنَ الأَمْرَاضِ التي جَعَلَ اللهُ تعالى مُخَالَطَةَ أَهْلِهَا سَبَبًا للإِصَابَةِ بِهَا، وَهِيَ مَا تُسَمَّى بِالأَمْرَاضِ المُعْدِيَةِ، فَإِنَّهُ يُعْذَرُ بِتَرْكِ الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَةِ، لِئَلَّا يُؤْذِي المُصَلِّينَ، بَلْ وَيُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ المَسْجِدِ حَتَّى تَزُولَ عِلَّتُهُ.
وَإِذَا كَانَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَنَعَ آكِلَ الثُّومِ وَالبَصَلِ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ المَسْجِدَ خَشْيَةَ إِيذَاءِ الآخَرِينَ بِرَائِحَةِ البَصَلِ وَالثُّومِ، فَالمَرِيضُ بِالزُّكَامِ وَالسُّعَالِ فِيمَا يَبْدُو أَشَدُّ ضَرَرًا مِمَّنْ يَأْكُلُ الثُّومَ وَالبَصَلَ.
لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُصِيبُ المَرَضُ السَّلِيمَ ـ بِإِذْنِ اللهِ تعالى ـ فَيَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ، وَرُبَّمَا يَعْتَقِدُ بِأَنَّ العَدْوَى تُؤَثِّرُ بِطَبْعِهَا، وَفي هَذَا خَطَرٌ عَظِيمٌ عَلَى إِيمَانِ العَبْدِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |