﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾

10626 - ﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾

06-09-2020 1227 مشاهدة
 السؤال :
ما هو تفسير قول الله تعالى: ﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10626
 2020-09-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ عِنْدَ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ: أَخْبَرَ تعالى أَنَّ في الأَعْرَابِ كُفَّارًا وَمُنَافِقِينَ وَمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّ كُفْرَهُمْ وَنِفَاقَهُمْ أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَأَشَدُّ وَأَجْدَرُ، أَيْ: أَحْرَى أَنْ لَا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ.

وَيَقُولُ العَلَّامَةُ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: يَقُولُ تعالى: ﴿الأعْرَابِ﴾. وَهُمْ سُكَّانُ البَادِيَةِ وَالبَرَارِي ﴿أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ مِنَ الحَاضِرَةِ الذينَ فِيهِمْ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ، وَذَلِكَ لِأَسْبَابٍ كَثِيرَةٍ.

مِنْهَا: أَنَّهُمْ بَعِيدُونَ عَنْ مَعْرِفَةِ الشَّرَائِعِ الدِّينِيَّةِ وَالأَعْمَالِ وَالأَحْكَامِ، فَهُمْ أَحْرَى ﴿وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ مِنْ أُصُولِ الإِيمَانِ وَأَحْكَامِ الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، بِخِلَافِ الحَاضِرَةِ، فَإِنَّهُمْ أَقْرَبُ لِأَنْ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ، فَيَحْدُثَ لَهُمْ ـ بِسَبَبِ هَذَا العِلْمِ ـ تَصَوُّرَاتٌ حَسَنَةٌ، وَإِرَادَاتٌ للخَيْرِ، الذي يَعْلَمُونَ، مَا لَا يَكُونُ في البَادِيَةِ.

وَفِيهِمْ مِنْ لَطَافَةِ الطَّبْعِ وَالانْقِيَادِ للدَّاعِي مَا لَيْسَ في البَادِيَةِ، وَيُجَالِسُونَ أَهْلَ الإِيمَانِ، وَيُخَالِطُونَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ، فَلِذَلِكَ كَانُوا أَحْرَى للخَيْرِ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ، وَإِنْ كَانَ في البَادِيَةِ وَالحَاضِرَةِ، كُفَّارٌ وَمُنَافِقُونَ، فَفِي البَادِيَةِ أَشَدُّ وَأَغْلَظُ مِمَّا في الحَاضِرَةِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الأَعْرَابَ أَحْرَصُ عَلَى الأَمْوَالِ، وَأَشَحُّ فِيهَا.

ثُمَّ يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَلَيْسَ الأَعْرَابُ كُلُّهُمْ مَذْمُومِينَ، بَلْ مِنْهُمْ ﴿مَنْ يُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ فَيَسْلَمُ بِذَلِكَ مِنَ الكُفْرِ وَالنِّفَاقِ وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى الإِيمَانِ.

ثُمَّ يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: وَفِي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الأَعْرَابَ كَأَهْلِ الحَاضِرَةِ، مِنْهُمُ المَمْدُوحُ وَمِنْهُمُ المَذْمُومُ، فَلَمْ يَذُمَّهُمُ اللهُ عَلَى مُجَرَّدِ تَعَرُّبِهِمْ وَبَادِيَتِهِمْ، إِنَّمَا ذَمَّهُمْ عَلَى تَرْكِ أَوَامِرِ اللهِ، وَأَنَّهُمْ في مَظِنَّةِ ذَلِكَ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ مِنْ بَابِ وَصْفِ الجِنْسِ بِوَصْفِ بَعْضِ أَفْرَادِهِ، كَمَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا﴾.

فَالأَعْرَابُ لَيْسُوا كُلُّهُمْ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ تعالى: ﴿وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

1227 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2025-05-07
 147
مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ مَا مِنْ عَبْدٍ خَلَقَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَّا أَسْبَغَ عَلَيْهِ نِعَمًا لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، حَتَّى وَلَو كَانَ كَافِرًا، فَإِذَا كَانَ هَذَا الكَلَامُ صَحِيحًا فَكَيْفَ نَفْهَمُ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الفَاتِحَةِ: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾؟ هَلْ مِنَ المَعْقُولِ أَنْ نَطْلُبَ مِنَ اللهِ تَعَالَى أَنْ يَهْدِيَنَا طَرِيقَ الكُفَّارِ؟
رقم الفتوى : 13617
 السؤال :
 2024-08-01
 1132
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 545
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 765
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 4
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 678
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3236
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424833525
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :