غضب الزوج بسبب عدم الاختلاط

10637 - غضب الزوج بسبب عدم الاختلاط

10-09-2020 2368 مشاهدة
 السؤال :
امْرَأَةٌ أَكْرَمَهَا اللهُ تعالى بِالاسْتِقَامَةِ، وَبِالمُحَافَظَةِ عَلَى حِجَابِهَا، وَلَكِنَّ زَوْجَهَا يَغْضَبُ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِطُ مَعَ إِخْوَتِهِ وَأَصْهَارِهِ، وَيَقُولُ لَهَا: هَلْ تُرِيدِينَ أَنْ تُفَرِّقِي بَيْنَنَا، وَنَقْطَعَ الأَرْحَامَ مِنْ أَجْلِكِ؟ اخْتَلِطِي مَعَهُمْ وَالإِثْمُ في رَقَبَتِي، فَهَلْ تُطِيعُ زَوْجَهَا في الاخْتِلَاطِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10637
 2020-09-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولًا: يَقُولُ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. وَيَقُولُ: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. وَيَقُولُ: ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا﴾. وَيَقُولُ: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾.

ثانيًا: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ﴾. وَيَقُولُ: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾. وَيَقُولُ: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾.

وَيَقُولُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ».

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟

قَالَ: «الْحَمْوُ الْمَوْتُ» رواه الشيخان عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

لِأَنَّ الدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ مَفْسَدَةٌ للدِّينِ، وَفي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ يَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ» رواه الشيخان عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

وَالاخْتِلَاطُ بِالنِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ طَامَّةٌ كُبْرَى، لِأَنَّ الرَّجُلَ بِطَبِيعَتِهِ يَمِيلُ إلى المَرْأَةِ، وَالمَرْأَةَ تَمِيلُ إلى الرَّجُلِ، فَبِالاخْتِلَاطِ قَدْ تَكُونُ خَائِنَةُ الأَعْيُنِ، وَقَدْ يُصْبِحُ الشَّيْطَانُ رَسُولًا للمَرْأَةِ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ، وَرَسُولًا إِلَيْهِ مِن قِبَلِهَا، وَفي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» رواه الحاكم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثالثًا: المُؤْمِنُ الحَقُّ هُوَ الذي يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ، بِعَكْسِ غَيْرِ المُؤْمِنِ الذي يَأْمُرُ بِالمُنْكَرِ وَيَنْهَى عَنِ المَعْرُوفِ.

رابعًا: روى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ التَمَسَ رِضَاءَ اللهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ التَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إِلَى النَّاسِ».

خامسًا: روى الإمام أحمد عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ».

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

مَا يَأْمُرُ بِهِ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ طَامَّةٌ كُبْرَى، وَاجْتِرَاءٌ عَلَى حُدُودِ اللهِ تعالى: أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾؟

الزَّوْجُ الذي يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: تُرِيدِينَ أَنْ تُفَرِّقِي بَيْنَنَا، وَأَنْ نَقْطَعَ أَرْحَامَنَا، لِيَتَذَكَّرْ قَبْلَ هَذَا الكَلَامِ: هَلِ الالْتِزَامُ بِالشَّرْعِ يُفَرِّقُ؟ وَهَلِ الالْتِزَامُ بِالشَّرْعِ يَكُونُ سبَبًا لِتَقْطِيعِ الأَرْحَامِ؟

الشَّرْعُ وَالالْتِزَامُ بِهِ يَجْمَعُ وَلَا يُفَرِّقُ، الذي يُفَرِّقُ هُوَ اتِّبَاعُ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾. وَكَمْ وَكَمْ وَقَعَتِ العَدَاوَاتُ وَالبَغْضَاءُ بِسَبَبِ تِلْكَ الاخْتِلَاطَاتِ.

لِيَذْكُرِ الزَّوْجُ الذي يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: اخْتَلِطِي وَالإِثْمُ في رَقَبَتِي؛ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾. أَمَا تَكْفِيهِ أَوْزَارُهُ؟

وَفي الخِتَامِ: لِيَذْكُرِ الزَّوْجُ العَهْدَ الذي أُخِذَ عَلَيْهِ أَثْنَاءَ عَقْدِ الزَّوَاجِ عِنْدَمَا قَالَ لَهُ وَلِيُّ زَوْجَتِهِ: زَوَّجْتُكَ مُوَكِّلَتِي عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالَ لَهُ: قَبِلْتُ زَوَاجَهَا عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ فَمَا يَفْعَلُهُ وَيَأْمُرُ بهِ زَوْجَتَهُ هَلْ هُوَ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَمْ مِنْ وَسْوَسَةِ شَيَاطِينِ الإِنْسِ وَالجِنِّ؟

وَأَخِيرًا: لِيَتَسَاءَلِ الزَّوْجُ مَعَ نَفْسِهِ مَا هِيَ الغَايَةُ مِنَ الاخْتِلَاطِ؟ وَإِذَا وَقَعَتْ ـ لَا قَدَّرَ اللهُ ـ الفِتْنَةُ مَا هُوَ مَوْقِفُهُ؟ العَاقِلُ مَنِ اتَّعَظَ بِالآخَرِينَ؛ فَكَمْ مِنْ فِتْنَةٍ حَصَلَتْ، وَكَمْ مِنْ خِيَانَةٍ وَقَعَتْ بِسَبَبِ الاخْتِلَاطِ؟

اللَّهُمَّ رَدُّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

2368 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 368
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 622
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 248
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 270
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 263
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 319
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424799963
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :