الصلاة الوسطى

10648 - الصلاة الوسطى

15-09-2020 1933 مشاهدة
 السؤال :
يَقُولُ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ﴾. مَا هِيَ الصَّلَاةُ الوُسْطَى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10648
 2020-09-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدِ اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في تَحْدِيدِ الصَّلَاةِ الوُسْطَى:

1ـ قِيلَ: إِنَّهَا صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَاءِ المَدِينَةِ الُمنَوَّرَةِ؛ وَمُسْتَنَدُ هَؤُلَاءِ: أَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ قَبْلَهَا صَلَاتَا لَيْلٍ يُجْهَرُ فِيهِمَا، وَبَعْدَهَا صَلَاتَا نَهَارٍ يُسَرُّ فِيهِمَا.

وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ﴾. فَقَرَنَهَا بِالقُنُوتِ، وَلَا قُنُوتَ إِلَّا فِي الصُّبْحِ.

2ـ وَقِيلَ: إِنَّهَا العَصْرُ لِأَنَّهَا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْل، وَصَلَاتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الأَحْزَابِ: «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ العَصْرِ، مَلَأَ اللهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا» رواه الإمام مسلم.

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ» رواه الترمذي.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ: الَّذِي تَقْتَضِيهِ الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ: إِنَّ الصَّلَاةَ الوُسْطَى هِيَ العَصْرُ.

3ـ وَقِيلَ: هِيَ الظُّهْرُ؛ لِأَنَّهَا وَسَطُ النَّهَارِ، وَالنَّهَارُ أَوَّلُهُ مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ.

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا وُسْطَى: مَا قَالَتْهُ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ حِينَ أَمْلَتَا: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَصَلَاةِ العَصْرِ) بِالوَاوِ. رواه الترمذي وأبو داود.

وَوَرَدَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالهَاجِرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي صَلَاةً أَشَدَّ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا، قَالَ: فَنَزَلَتْ: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾.

قَالَ: «إِنَّ قَبْلَهَا صَلَاتَيْنِ، وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ» رواه الإمام أحمد.

4ـ وَقِيلَ: إِنَّهَا الْمَغْرِبُ؛ لِأَنَّ الأُولَى هِيَ الظُّهْرُ، فَتَكُونُ الْمَغْرِبُ الثَّالِثَةُ، وَالثَّالِثَةُ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ هِيَ الوُسْطَى؛ وَلِأَنَّهَا وُسْطَى فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَوُسْطَى فِي الأَوْقَاتِ، وَوَقْتُهَا فِي آخِرِ النَّهَارِ وَأَوَّلِ اللَّيْلِ، خُصَّتْ مِنْ بَيْنِ الصَّلَاةِ بِأَنَّهَا الوِتْرُ، وَاللهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، وَبِأَنَّهَا تُصَلَّى فِي أَوَّل وَقْتِهَا فِي جَمِيعِ الأَمْصَارِ وَالأَعْصَارِ، وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ.

5ـ وَقِيلَ: إِنَّ الصَّلَاةَ الوُسْطَى هِيَ صَلَاةُ العِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ لَا تُقْصَرَانِ، وَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا، وَذَلِكَ شَاقٌّ، فَوَقَعَ التَّأْكِيدُ فِي المُحَافَظَةِ عَلَيْهَا.

وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ قَال: مَكَثْنَا لَيْلَةً نَنْتَظِرُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةِ العِشَاءِ الآخِرَةِ فَخَرَجَ إِلَيْنَا حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْل أَوْ بَعْدَهُ؛ فَقَال: «إِنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلَاةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْل دِينٍ غَيْرَكُمْ، وَلَوْلَا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْتُ بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ» رواه الإمام مسلم.

وَقَالَ: «لَيْسَ صَلَاةٌ أَثْقَل عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» رواه الإمام البخاري.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالصَّلَاةُ الوُسْطَى اخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في تَحْدِيدِهَا، وَعِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَمِنْ أَصَحِّ الأَقْوَالِ أَنَّهَا صَلَاةُ العَصْرِ.

وَالسَّعِيدُ مَنْ حَافَظَ عَلَى جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ وَأَدَّاهَا في وَقْتِهَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ حَافَظَ عَلَيْهَا بِإِذْنِ اللهِ تعالى. هذا، والله تعالى أعلم.

1933 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  فتاوى متعلقة بالقرآن الكريم

 السؤال :
 2023-02-25
 1207
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سُورَةَ الإِخْلَاصِ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ؟
 السؤال :
 2023-02-25
 974
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ﴾؟
 السؤال :
 2023-02-06
 935
مَا مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾؟
 السؤال :
 2023-01-30
 431
يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ﴾. وَيَقُولُ تعالى: ﴿وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ﴾. فَبِأَيِّ الأَمْرَيْنِ تَمَّتْ نَجَاةُ سَيِّدِنَا يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ بَطْنِ الحُوتِ؟
 السؤال :
 2023-01-30
 460
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾؟
 السؤال :
 2022-10-03
 519
في قِصَّةِ ابْنَيْ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عِنْدَمَا قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ قَالَ تعالى عَنْ قَابِيلَ القَاتِلِ: ﴿فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ﴾. وَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّ النَّدَمَ تَوْبَةٌ، فَلِمَاذَا كُلَّمَا قَتَلَ إِنْسَانٌ آخَرَ ظُلْمًا يَتَحَمَّلُ قَابِيلُ وِزْرَهُ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414260758
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :