﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾

10652 - ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾

17-09-2020 820 مشاهدة
 السؤال :
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10652
 2020-09-17

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُ اللهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾. تَعْنِي: دَاوِمْ عَلَى تَذْكِيرِ النَّاسِ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ، وَاتَّبِعْ في ذَلِكَ الحِكْمَةَ وَالمَوْعِظَةَ الحَسَنَةَ وَالمُجَادَلَةَ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَاهْتَمَّ في تَذْكِيرِكَ بِمَنْ تَتَوَقَّعُ مِنْهُمْ قَبُولَ دَعْوَتِكَ، وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاحِدِينَ وَالمُعَانِدِينَ وَالجَاهِلِينَ.

قَالَ صَاحِبُ الكَشَّافِ: فَإِنْ قُلْتَ: كَانَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَأْمُورًا بِالذِّكْرَى نَفَعَتْ أَو لَمْ تَنْفَعْ، فَمَا مَعْنَى اشْتِرَاطِ النَّفْعِ؟

قُلْتُ: هُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَدِ اسْتَفْرَغَ مَجْهُودَهُ في تَذْكِيرِهِمْ، وَمَا كَانُوا يَزِيدُونَ عَلَى زِيَادَةِ الذِّكْرَى إِلَّا عُتُوًّا وَطُغْيَانًا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَتَلَظَّى حَسْرَةً وَتَلَهُّفًا، وَيَزْدَادُ جِدًّا في تَذْكِيرِهِمْ، وَحِرْصًا عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ﴾. ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ﴾ وَذَلِكَ بَعْدَ إِلْزَامِ الحُجَّةِ بِتَكْرِيرِ التَّذْكِيرِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ظَاهِرُهُ شَرْطًا، وَمَعْنَاهُ ذَمًّا للمُذَكِّرِينَ، وَإِخْبَارًا عَنْ حَالِهِمْ، وَاسْتِبْعَادًا لِتَأْثِيرِ الذِّكْرَى فِيهِمْ، وَتَسْجِيلًا عَلَيْهِمْ بِالطَّبْعِ عَلَى قُلُوبِهِمْ، كَمَا تَقُولُ للوَاعِظِ: عِظِ المَكَّاسِينَ إِنْ سَمِعُوا مِنْكَ، قَاصِدًا بِهَذَا الشَّرْطَ، اسْتِبْعَادَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَنْ يَكُونَ.

وَقَالَ الإِمَامُ الرَّازِيُّ مَا مُلَخَّصُهُ: جَاءَ التَّعْلِيقُ بِالـشَّرْطِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى﴾. مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ أَنْ يُذَكِّرَ النَّاسَ جَمِيعًا، نَفَعَتْهُمُ الذِّكْرَى أَمْ لَمْ تَنْفَعْهُمْ، للتَّنْبِيهِ عَلَى أَشْرَفِ الحَالَيْنِ، وَهُوَ وُجُودُ النَّفْعِ الذي مِنْ أَجْلِهِ شُرِعَتِ الذِّكْرَى، كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾. وَللإِشْعَارِ بِأَنَّ المُرَادَ مِنَ الشَّرْطِ: البَعْثُ عَلَى الانْتِفَاعِ بِالذِّكْرَى، كَمَا يَقُولُ الإِنْسَانُ لِغَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ لَهُ الحَقَّ، قَدْ أَوْضَحْتُ لَكَ الأَمْرَ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ، فَيَكُونُ مُرَادُهُ الحَضُّ عَلَى القَبُولِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالمَقْصُودُ بِالآيَةِ الكَرِيمَةِ، تَحْرِيضُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى المُدَاوَمَةِ عَلَى دَعْوَةِ النَّاسِ إلى قَبُولِ الحَقِّ الذي جَاءَ بِهِ، فَإِنَّ هَذَا التَّذْكِيرَ إِنْ لَمْ يَنْفَعِ النَّاسَ جَمِيعًا، فَسَيَنْفَعُ بَعْضَهُمْ، فَقَدِ اقْتَضَتْ سُنَّةُ اللهِ تعالى أَنْ لَا تَخْلُوَ الأَرْضُ مِمَّنْ يَسْتَمِعُ إلى الحَقِّ، وَيَسْتَجِيبُ لَهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

820 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2023-08-07
 208
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1419
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465
 السؤال :
 2023-03-23
 612
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾؟
رقم الفتوى : 12464
 السؤال :
 2023-01-30
 1662
مَا هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾؟
رقم الفتوى : 12370
 السؤال :
 2022-08-03
 1426
مَا المَقْصُودُ بِالخَيْطِ الأَبْيَضِ وَالخَيْطِ الأَسْوَدِ في قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾؟
رقم الفتوى : 12087
 السؤال :
 2022-07-20
 946
يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا﴾. كَيْفَ يَكُونُ الإِيذَاءُ للهِ تعالى، وَحَاشَاهُ أَنْ يَصِلَ لَهُ ضُرٌّ مِنَ الخَلْقِ؟
رقم الفتوى : 12068

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412813639
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :