الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَمَنْ وَجَدَ لُقَطَةً لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا إِلَّا إِذَا عَرَفَ مِنْ نَفْسِهِ الأَمَانَةَ في حِفْظِهَا، وَالقُوَّةَ عَلَى تَعْرِيفِهَا حَتَّى يَعْثُرَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَا يَأْمَنُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا، فَإِنْ أَخَذَهَا فَهُوَ كَالغَاصِبِ، لِأَنَّهُ أَخَذَ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ. هَذَا أَوَّلًا.
ثَانِيًا: بِكَوْنِهِ وَجَدَ القِطْعَةَ الذَّهَبِيَّةَ في مَحَلٍّ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِصَاحِبِ المَحَلِّ، لَعَلَّ صَاحِبَهَا يَرْجِعُ إلى المَحَلِّ، وَيَسْأَلُ عَنْهَا؛ هَذَا إِذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَ المَحَلِّ إِنْسَانٌ أَمِينٌ، أَمَّا إِذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَ المَحَلِّ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ، فَإِنَّهُ يُعْلِمُهُ أَنَّ القِطْعَةَ عِنْدَهُ، إِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَلْيَدُلَّهُ عَلَيْهِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَ المَحَلِّ أَمِينٌ يُسَلِّمُهُ إِيَّاهَا، وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَيَأْخُذُهَا، ثُمَّ يُعَرِّفُ عَلَيْهَا عِنْدَ صَاحِبِ المَحَلِّ، وَعَنْ طَرِيقِ وَسَائِلِ التَّوَاصُلِ الاجْتِمَاعِيِّ، وَبِأَيَّةِ وَسِيلَةٍ مِنْ وَسَائِلِ التَّعْرِيفِ، حَتَّى يَجِدَ صَاحِبَهَا. هذا، والله تعالى أعلم.