الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ رَوَى الإمام مسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللُّقَطَةِ الذَّهَبِ، أَوِ الْوَرِقِ؟
فَقَالَ: «اعْرِفْ وِكَاءَهَا (رِبَاطَهَا) وَعِفَاصَهَا (إِنَاءَهَا) ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمَاً مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ».
وَنَصَّ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا الْتَقَطَ لُقَطَةً وَجَبَ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهَا سَنَةً، أَو مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ.
وَإِذَا لَمْ يُعَرِّفْ كَانَ آثِمَاً، لِأَنَّ في ذَلِكَ تَضْيِيعٌ لَهَا عَنْ صَاحِبِهَا.
وَبَعْدَ السَّنَةِ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ صَاحِبُهَا، وَكَانَ المُلْتَقِطُ فَقِيرَاً، فَإِنَّهُ يَمْتَلِكُهَا، وَإِنْ كَانَ غَنِيَّاً تَصَدَّقَ بِهَا؛ وَفِي الحَالَتَيْنِ يَكُونُ المُلْتَقِطُ ضَامِنَاً لَهَا إِذَا عَرَفَ صَاحِبَهَا.
وبناء على ذلك:
فَيَجِبُ عَلَى مَنِ الْتَقَطَ قِطْعَةَ الذَّهَبِ أَنْ يُعَرِّفَ عَلَيْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهَا، وَكَانَ هُوَ فَقِيرَاً أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيَّاً تَصَدَّقَ بِهَا؛ وَإِذَا عَرَفَ صَاحِبَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا. هذا، والله تعالى أعلم.