الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالزَّوَاجُ بِشَكْلٍ عَامٍّ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِمَنْ لَا زَوْجَ لَهُ، إِذَا كَانَ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الفِتْنَةِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الفِتْنَةِ فَالزَّوَاجُ في حَقِّهِ وَاجِبٌ، إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الزَّوَاجِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾.
وَجَاءَ في سُنَنِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجْلِي إِلَّا عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَأَعْلَمُ أَنِّي أَمُوتُ فِي آخِرِهَا يَوْمًا، لِي فِيهِنَّ طَوْلُ النِّكَاحِ، لَتَزَوَّجْتُ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ مُعَاذٌ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: زَوِّجُونِي، إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَلْقَى اللهَ أَعْزَبَ. هَذَا أَوَّلًا.
ثَانِيًا: رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ في كِتَابِهِ العَظِيمِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
وَيَقُولُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَأَنْتَ أَدْرَى بِنَفْسِكَ مِنْ غَيْرِكَ، فَإِذَا كُنْتَ تَسْتَطِيعُ الصَّبْرَ عَنِ الزَّوَاجِ، وَأَوْلَادُكَ بِحَاجَةٍ إلى الزَّوَاجِ، وَتَخَافُ عَلَيْهِمْ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى مِنَ الانْحِرَافِ، فَعَلَيْكَ بِتَزْوِيجِ أَوْلَادِكَ، وإِلَّا فَزَوَاجُكَ أَوْلَى، وَهَذَا الذي أُرَجِّحُهُ، لِأَنَّ الزَّوْجَةَ هِيَ التي تُعِينُكَ عَلَى أُمُورِ بَيْتِكَ وَرِعَايَةِ أَوْلَادِكَ، وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، مَعَ رِعَايَتِهَا لَكَ.
وَأَخِيرًا أَقُولُ لَكَ: إِذَا اسْتَوَى عِنْدَكَ الأَمْرُ بَيْنَ الزَّوَاجِ وَعَدَمِهِ فَاسْتَخِرِ اللهَ تعالى، وَانْظُرْ مَا يَشْرَحُ اللهُ تعالى صَدْرَكَ لَهُ فَافْعَلْ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |