أمتلك شركتين

12825 - أمتلك شركتين

 السؤال :
السلام عليكم أمتلك شركتين في بلاد الغرب وبشكل أو بآخر يجب علي التأمين بما يسمى التأمين التجاري، وأعلم أنه محرم. كلما تقدمت في أعمالي وتطورت أصبح لا مفر من إبرام عقود تأمين إضافية، مثلا للتأمين على الشركة ضد مخاطر العمل والموظفين وخلافه، وأتوقع كلما توسعت كلما زادت التأمينات، حيث أن بعضها إجباري وبعضها يطلبه منك العميل ليتأكد أنه في حالة النزاع أو المشاكل سيجد جهة تعوضه، وهذا يحدث كثيرا معي. المشكلة في الغرب أن أي مشكلة تتعلق بالعمل أو حوادث أو مشاكل صحية ترتبط فواتيرها بعشرات أو مئات الآلاف من اليوروهات، وهي مبالغ خارج قدرة أغلب الشركات إذا لم تكن مؤمنة عليها وتكون بمثابة ضربة قاصمة للنشاط. حتى في بلدي الأم، لا مناص بأي شكل من الأشكال من التأمين الإجباري، فلا أعلم أيهما أفضل، التقوقع والتوقف عن التوسع لتقليل عدد التأمينات التجارية المبرمة قدر الإمكان (وأقصد هنا تقليل وليس منعها تماما لإنه في عالمنا اليوم لا مفر منه حتى في بلداننا) ، أم أن ذلك يعد من الإضطرار الذي لا يؤاخذ عليه المرء؟ أنا لا أقيم في الغرب بشكل دائم، لكن أذهب لفترة أقضي بعض الأعمال وأرجع إلى بلدي بشكل متكرر، فأنا لا أحب الإقامة هناك، ولكن حقيقة أرى أن ما أتعلمه وأكتشفه في دهاليز تلك البلدان من خلال العمل والتجارة يكسبني معارف تساعدني في خدمة الإسلام (و هذه ليست حجة مفتعلة لتجاوز حكم شرعي، فأنا ولله الحمد أدعوا الناس هناك للإسلام، وأرغب في ضرب مثال للمسلم الناجح نصرة لدين الله، لذلك أعمل بجد وأسعى للتقدم والتطور، وهذا هو المحفز الأساسي)، و أرى أن التوقف عن الخوض في ذلك الإتجاه لن يؤدي سوى إلى تجهيل المسلمين بكيفية التعامل مع هؤلاء الناس واكتشاف مواطن ضعفهم، فلا نتربح من أموالهم و لا نشغل عمالتنا ولا نستفيد من معارفهم وعلومهم ولا يخرج من أموالهم زكاة لفقراء المسلمين .. إلخ، ولا مجال اليوم للتوسع في أي بقعة على الكوكب إلا بإبرام عقود تأمين محرمة كهذه. ما الرأي جزاكم الله خيرا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12825
 0000-00-00

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: عقود التأمين غير جائزة شرعًا، وإليكم نص الفتوى: والغاية لا تبرر الوسيلة ، بقاؤكم هناك مع المخالفات الشرعية ليس مبررًا لعقود التأمين. وإذا أردتم الدعوة إلى الله تعالى فعليكم بالابتعاد عن الشبهات فضلًا عن المحرمات، وإلا كيف تكون الدعوة؟ هذا، والله تعالى أعلم.

وهذه فتوى مفصلة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن عقود التأمين من العقود المستحدثة، والفقهاء القدامى لم يتحدثوا عن ذلك، وأول من تحدث عنه العلامة ابن عابدين رحمه الله تعالى.

وأما العلماء المعاصرون فقد انقسموا في حكم عقود التأمين إلى ثلاثة مذاهب:

الأول: قالوا بتحريم عقود التأمين بكل صورها وأنواعها.

الثاني: قالوا بجواز عقود التأمين بكل صورها وأنواعها.

الثالث: قالوا بتحريم التأمين التجاري، وبجواز التأمين التعاوني (التبادلي).

والفارق بين التأمين التجاري والتأمين التبادلي (التعاوني) أن:

الأول (التأمين التجاري): هو عقد بين طرفين، الطرف الأول يدفع أقساطاً متتابعة للطرف الثاني، أو مبلغاً مقطوعاً، ومقابل تعهد الطرف الثاني بتعويض الطرف الأول عن أضراره بالغة ما بلغت بشروط يتفقون عليها.

الثاني (التأمين التبادلي): يكون بشكل جماعة يكون لهم صندوق تجمع فيه الأموال من المؤمَّنين، حتى إذا ما وقع بأحدهم ضرر داخل في حدود ما جرى عليه التأمين، عوضوه من هذا الصندوق عن أضراره بشروط متفق عليها.

وإنني أقف مع القسم الأول الذين قالوا بتحريم عقود التأمين بكل صورها، إن كانت عقود تأمين تجاري، أو كانت عقود تأمين تبادلي (تعاوني)، للأسباب التالية:

أولاً: الدافع لا يعرف مقدار ما سوف يدفعه من الأقساط، ولا يعرف مقدار ما يأخذه من تعويض، وربما لا يأخذ شيئاً، وهذا من الغرر الفاحش الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، كما روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر).

ثانياً: عقود التأمين بكل أنواعها من عقود المقامرة والميسر، لأن الدافع يدفع طمعاً في أن يأخذ أكثر مما دفع إذا وقع عليه ضرر، وهو نوع من الميسر المنهي عنه بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون}. ولو علم الدافع أنه لن يأخذ شيئاً، لأنه لن يصاب بضرر فلن يشترك في هذا التأمين، ولو علم أنه سيأخذ مقدار ما دفع أو أقل مما دفع لما اشترك في هذا التأمين، فإذاً هو دفع الأقل طمعاً في أخذ الأكثر إذا وقع عليه ضرر.

ثالثاً: عقود التأمين من العقود الربوية، حيث يدفع المؤمَّن له الأقساط التي عليه، ثم يقبض أكثر منها إذا وقع عليه الضرر، وهذا هو ربا الفضل المحرَّم بنص القرآن والسنة المطهَّرة.

ولا يقال إن هذه العقود من عقود التبرع والتعاون على البر والتقوى التي دعا إليها الإسلام بقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، فهذا الكلام مردود، لأن التبرع هبة، والهبة هي عطاء بدون مقابل، وعقود التأمين شرطها الأساسي أن المؤمِّن يطالب بحقه حسب زعمه شركات التأمين، فهو عطاء مشروط بعوض، وهذا لا يكون هبة.

وبناء عليه:

عقود التأمين بكل صورها فيما يبدو لي ومن خلال الأدلة السابقة لا تجوز شرعاً، ولا يجوز الاشتراك فيها، لأن فيها أخذاً لأموال الآخرين بغير حق. هذا، والله تعالى أعلم.

85 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل متفرقة في المعاملات

 السؤال :
 2023-02-25
 469
مَا حُكْمُ الذي يَسْتَوْرِدُ بِضَاعَةً ـ عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ ـ مِنَ الصِّينِ، وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا صِنَاعَةُ دَوْلَةٍ أُخْرَى كَاليَابَانِ، أَو السُّوَيْدِ، أَو أَلَمَانْيَا، أو غَيْرِهَا مِنَ الدُّوَلِ، مَعَ العِلْمِ أَنَّهُ يَقُولُ للمُشْتَرِي: هَذِهِ بِضَاعَةٌ صِينِيَّةٌ؟ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ أَنْ يَنْصَحَ المُشْتَرِيَ؟
 السؤال :
 2023-02-02
 398
مَاتَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللهُ تعالى، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ، وَلَمْ يَتْرُكْ إِلَّا بَيْتًا، وَقِيمَةُ البَيْتِ إِذَا بِيعَ تُسَدِّدُ دُيُونَهُ، فَهَلْ يَجِبُ بَيْعُ البَيْتِ لِسَدَادِ دُيُونِهِ؟
 السؤال :
 2022-10-27
 775
مَا حُكْمُ بَيْعِ الذَّهَبِ القَدِيمِ بِجَدِيدٍ مَعَ دَفْعِ الفَرْقِ؟
 السؤال :
 2022-02-14
 410
أَنَا أَعْمَلُ أَجِيرًا عِنْدَ بَائِعِ الذَّهَبِ، وَلَكِنَّ صَاحِبِ المَحَلِّ يَبِيعُ الذَّهَبَ لِأَجَلٍ، فَهَلْ أَنَا شَرِيكٌ مَعَهُ في الإِثْمِ؟
 السؤال :
 2021-11-26
 421
مَا حُكْمُ الرَّجُلِ الذي يَسْتَدِينُ ثُمَّ يُمَاطِلُ في أَدَاءِ الدَّيْنِ، وَيَغْضَبُ إِنْ طُولِبَ، وَإِذَا جَاءَ لِسَدَادِ الدَّيْنِ أَحْرَجَ الدَّائِنَ في إِسْقَاطِ جُزْءٍ مِنْ حَقِّهِ؟
 السؤال :
 2021-03-25
 227
في كُلِّ جُمُعَةٍ تَقُومُ لَجْنَةُ الجَامِعِ عِنْدَنَا بِجَمْعِ التَّبَرُّعَاتِ للمَسْجِدِ، فَهَلْ يَجُوزُ أَخْذُ رَوَاتِبِ الإِمَامِ وَالخَطِيبِ وَالمُؤَذِّنِ وَالخَادِمِ مِنْ هَذَا المَالِ؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414447436
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :