الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ أَوْصَانَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِحُسْنِ اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَالزَّوَاجُ بِالمَرْأَةِ النَّصْرَانِيَّةِ جَائِزٌ شَرْعًا، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ﴾.
وَلَكِنَّ هَذَا الزَّوَاجَ فِيهِ خُطُورَةٌ، وَخَاصَّةً عَلَى تَرْبِيَةِ الأَوْلَادِ في المُسْتَقْبَلِ، فَلْيَكُنِ المُسْلِمُ عَلَى حَذَرٍ مِنْ ذَلِكَ. هَذَا أَوَّلًا.
ثَانِيًا: عَقْدُ الزَّوَاجِ يُشْتَرَطُ فِيهِ الإِيَجَابُ وَالقَبُولُ، مَعَ حُضُورِ شَاهِدَيْنِ مِنَ الرِّجَالِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ في المَسْجِدِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي المَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِذَا كَانَ عَقْدُ الزَّوَاجِ سَيَتِمُّ في الكَنِيسَةِ عَلَى الطَّرِيقَةِ التي عِنْدَهُمْ، حَيْثُ يُلَقِّنُهُ القِسِّيسُ بَعْضَ الكَلِمَاتِ، فَلَا يَصِحُّ هَذَا العَقْدُ، وَأَمَّا إِذَا تَمَّ عَقْدُ الزَّوَاجِ حَسَبَ الطَّرِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ خِلَالِ الإِيجَابِ وَالقَبُولِ، مَعَ حُضُورِ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ مِنَ الرِّجَالِ، فَالعَقْدُ يَكُونُ صَحِيحًا. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |