الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَإِنَّ اجْتِمَاعَ الرِّجَالِ مَعَ النِّسَاءِ الأَجْنَبِيَّاتِ في مَكَانٍ وَاحِدٍ وَاخْتِلَاطَهُمْ مَعَ ارْتِكَابِ مَا يُنَافِي الحَيَاءَ وَالآدَابَ الشَّرْعِيَّةَ حَرَامٌ شَرْعًا، لِأَنَّهُ يُفْضِي إلى الفِتْنَةِ وَثَوَرَانِ الشَّهَوَاتِ، وَسَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الوُقُوعِ في الفَوَاحِشِ وَالآثَامِ. هَذَا أَوَّلًا.
ثَانِيًا: زَوْجُ الأُخْتِ يُعْتَبَرُ أَجْنَبِيًّا عَنْ أُخْتِ الزَّوْجَةِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا ـ فَضْلًا عَنِ المُصَافَحَةِ وَالخَلْوَةِ وَالمُزَاحِ ـ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَارِمِهَا، وَقَدْ حَذَّرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الاخْتِلَاطِ بِقَوْلِهِ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ».
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟
قَالَ: «الحَمْوُ المَوْتُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثَالِثًا: يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ الخَاطِبُ أَنَّ مَخْطُوبَتَهُ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ، حَتَّى يَتِمَّ عَقْدُ الزَّوَاجِ عَلَيْهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ مَوَاجَهَتُهَا وَلَا مُصَافَحَتُهَا، وَلَا الخَلْوَةُ بِهَا.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَخْتَارَ صَاحِبَةَ الدِّينِ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ الله ُعَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُنْكَحُ المَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ».
وَصَاحِبَةُ الدِّينِ هِيَ التي تَقِفُ عِنْدَ حُدُودِ اللهِ تعالى، وَلَا تَخْتَلِطُ مَعَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ، وَكُلُّ رَجُلٍ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا إِنْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُجَالِسَهُ وَتُمَازِحَهُ وَتُضَاحِكَهُ، وَزَوْجُ الأُخْتِ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا، لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْهَا بَعْدَ طَلَاقِ أُخْتِهَا أَو مَوْتِهَا. هذا، والله تعالى أعلم.