اشترى بيتًا ثم ندم

12215 - اشترى بيتًا ثم ندم

03-10-2022 167 مشاهدة
 السؤال :
اشْتَرَيْتُ بَيْتًا مِنْ صَدِيقٍ لِي، وَنَدِمْتُ عَلَى هَذَا الشَّرَاءِ، وَطَلَبْتُ مِنْ صَدِيقِي فَسْخَ عَقْدِ البَيْعِ فَرَفَضَ، فَمَا الحُكْمُ في ذَلِكَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12215
 2022-10-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَطَلَبُ فَسْخِ البَيْعِ يُسَمِّيهِ الفُقَهَاءُ إِقَالَةً، وَهِيَ رَفْعُ العَقْدِ وَإِلْغَاءُ حُكْمِهِ وَآثَارِهِ بِتَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ.

وَالإِقَالَةُ مَنْدُوبَةٌ شَرْعًا، وَمُرَغَّبٌ فِيهَا، وَقَدْ حَثَّ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ البَائِعَ عَلَى أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ البَيْعِ إِذَا رَغِبَ بِذَلِكَ المُشْتَرِي، لِأَيِّ سَبَبٍ مِنَ الأَسْبَابِ.

رَوَى الحَاكِمُ وَابْنُ مَاجَه وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا أَقَالَهُ اللهُ عَثْرَتَهُ».

وَفي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ لِابْنِ حبَّانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ، أَقَالَ اللهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

وَفي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ للطَّبَرَانِيِّ في الأَوْسَطِ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَالَ أَخَاهُ بَيْعًا أَقَالَهُ اللهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: اتَّفَقَ الفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ عَقْدَ البَيْعِ إِذَا تَمَّ بِصُدُورِ الإِيجَابِ وَالقَبُولِ مِنَ المُتَعَاقِدَيْنِ فَهُوَ عَقْدٌ لَازِمٌ، وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُ المُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخَهُ إِلَّا بِرِضَا الآخَرِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا خِيَارٌ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِقَالَةُ المُشْتَرِي بَيْعَتَهُ تَدْخُلُ في بَابِ الإِحْسَانِ وَالتَّرَاحُمِ، وَالتَّيْسِيرِ عَلَى النَّاسِ وَالرِّفْقِ بِهِمْ وَتَقْدِيمِ العَوْنِ لَهُمْ، وَإِقَالَةِ عَثَرَاتِهِمْ، وَهَذِهِ الأُمُورُ مَطْلُوبَةٌ مِنَ المُسْلِمِ عَلَى قَدْرِ الاسْتِطَاعَةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ (أَيْ: شُعْبَةٌ مُتَّصِلَةٌ، وأَصْلُ الشُّجْنَةِ الأَغْصَانُ المُتَّصِلَةُ المُتَشَابِكَةُ) فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ مَنْ رَفَقَ بِأُمَّتِي فَارْفُقْ بِهِ، وَمَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَشُقَّ عَلَيْهِ» رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

فَالأَمْرُ مُتَوَقِّفٌ عِنْدَ البَائِعِ، فَإِذَا كَانَ البَائِعُ لَا يَتَضَرَّرُ بِفَسْخِ العَقْدِ فَيُنْدَبُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ البَيْعِ، وَهَذَا الفَسْخُ رَغَّبَ فِيهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ أَمَّا إِذَا كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهَذَا الفَسْخِ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِمِقْدَارِ الضَّرَرِ وَيَفْسَخَ لَهُ العَقْدَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

167 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1205
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 230
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 584
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2843
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1253
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7520
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413543814
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :