اسمعوا أيها الآباء والأمهات دعاء الوالدين على الولد

13469 - اسمعوا أيها الآباء والأمهات دعاء الوالدين على الولد

18-02-2025 239 مشاهدة
 السؤال :
مَا حُكْمُ الأَبَوَيْنِ اللَّذَيْنِ يُكْثِرَانِ مِنَ الدُّعَاءِ عَلَى وَلَدِهِمَا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13469
 2025-02-18

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالأَوْلَادُ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَهُمَا قُرَّةُ عَيْنٍ لِلْآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾. وَقَالَ تَعَالَى عَنْ دُعَاءِ عِبَادِ الرَّحْمَنِ: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾.

وَالأَوْلَادُ ذُخْرٌ لِلْآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا، رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: لَقَدْ حَذَّرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدُّعَاءِ عَلَى الأَوْلَادِ خَشْيَةَ أَنْ يُوَافِقَ سَاعَةَ الإِجَابَةِ الَّتِي أَخْفَاهَا اللهُ تعالى عَنْ خَلْقِهِ، رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ».

وَقَدْ أَخْبَرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دُعَاءَ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ أَو عَلَى وَلَدِهِ مُسْتَجَابٌ، رَوَى ابْنُ مَاجَه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُنَّ، لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ».

وَفي رِوَايَةٍ للتِّرْمِذِيِّ: «وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ».

ثَالِثًا: دُعَاءُ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ لِلْأَبْنَاءِ مِنْ هَدْيِ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَهَذَا سَيِّدُنَا زَكَرِيَّا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، يَدْعُو لِوَلَدِهِ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ فَيَقُولُ: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالدُّعَاءُ مِنَ الوَالِدَيْنِ ٍسَهْمٌ صَائِبٌ، وَقَدْ يُوَافِقُ سَاعَةَ اسْتِجَابَةٍ، فَلْيَتَّقِ الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ في أَوْلَادِهِمْ، وَخُصُوصًا الأُمَّهَاتِ، لِأَنَّهُنَّ كَثِيرَاتُ اللَّعْنِ، وَكَثِيرَاتُ الدُّعَاءِ بِالسُّوءِ عَلَى الأَوْلَادِ، وَخَاصَّةً في سَاعَةِ الغَضَبِ؛ أَيْنَ الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾؟

اسْمَعُوا أَيُّهَا الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ:

قُطِعَتْ رِجْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ بِسَبَبِ دَعَاءِ أُمِّهِ، كَمَا جَاءَ في كِتَابِ تَارِيخِ الإِسْلَامِ: قِيلَ: إِنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَطْعِ رِجْلِهِ، فَقَالَ: سَبَبُهُ دُعَاءُ الوَالِدَةِ، كُنْتُ فِي الصِّغَرِ أَخَذْتُ عُصْفُورًا وَرَبَطْتُهُ بِخَيْطٍ فِي رِجْلِهِ، فَطَارَ، وَدَخَلَ فِي خَرْقٍ، فَجَذَبْتُهُ، فَانْقَطَعَتْ رِجْلُهُ، فَتَأَلَّمَتْ أُمِّي، وَقَالَتْ: قَطَعَ اللهُ رِجْلَكَ كَمَا قَطَعْتَ رِجْلَهُ، فَلَمَّا كَبِرْتُ وَرَحَلْنَا إِلَى بُخَارَى سَقَطْتُ عَنِ الدَّابَّةِ، وَانْكَسَرَتْ رِجْلِي، وَعَمِلَتُ عَمَلًا أَوْجَبَ قَطْعَهَا. اهـ.

وَمِمَّا لَاشَكَّ فِيهِ أَنَّ أُمَّ الزَّمَخْشَرِيِّ هِيَ كَسَائِرِ الأُمَّهَاتِ، عِنْدَمَا دَعَتْ عَلَى وَلَدِهَا كَانَ الدُّعَاءُ بِلِسَانِهَا لَا بِقَلْبِهَا، وَلَوْ أَنَّهَا عَاشَتْ حَتَّى رَأَتْ رِجْلَ وَلَدِهَا تُقْطَعُ، وَخُيِّرَتْ بَيْنَ قَطْعِ رِجْلِهَا أَوْ رِجْلِ وَلَدِهَا، لَاخْتَارَتْ أَنْ تُقْطَعَ رِجْلُهَا، وَتَسْلَمَ رِجْلُ وَلَدِهَا.

فِي الخِتَامِ: أَيُّهَا الآبَاءُ وَالأُمَّهَاتُ، عَوِّدُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى الدُّعَاءِ لِلْأَوْلَادِ، لَا عَلَيْهِمْ، وَخَاصَّةً في سَاعَةِ الغَضَبِ، كَمْ وَكَمْ مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ يَقْطُرُ قَلْبُهُمَا دَمًا بَعْدَ اسْتِجَابَةِ دُعَائِهِمَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا. ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

 

239 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  الدعاء وآدابه

 السؤال :
 2025-05-01
 448
هَلْ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ المُؤْمِنِ إِذَا صَلَّى عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَوْ فَعَلَ طَاعَةً، أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي شَرَفِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
رقم الفتوى : 13611
 السؤال :
 2025-04-19
 177
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سَيِّدَنَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يَدْعُو فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ صَلَاةِ المَغْرِبِ، بَعْدَ سُورَةِ الفَاتِحَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾؟
رقم الفتوى : 13590
 السؤال :
 2025-03-03
 263
هَلْ يُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ في غَيْرِ الصَّلَاةِ؟
رقم الفتوى : 13499
 السؤال :
 2022-12-25
 231
هَلْ يَجُوزُ الدُّعَاءُ عَلَى مَنْ ظَلَمَ المُسْلِمِينَ؟
رقم الفتوى : 12331
 السؤال :
 2022-06-07
 1200
مَا الأَدْعِيَةُ التي تَقِي الإِنْسَانَ مِنَ العَيْنِ؟
رقم الفتوى : 11986
 السؤال :
 2022-02-11
 1473
هَلْ هُنَاكَ دُعَاءٌ خَاصٌّ لِشَخْصٍ نُحِبُّهُ، مِنْ أَجْلِ هِدَايَتِهِ إلى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ؟
رقم الفتوى : 11783

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3236
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424890811
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :