اجعل ذلك زيادة في شرفه   

13611 - اجعل ذلك زيادة في شرفه   

01-05-2025 421 مشاهدة
 السؤال :
هَلْ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ المُؤْمِنِ إِذَا صَلَّى عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَوْ فَعَلَ طَاعَةً، أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي شَرَفِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13611
 2025-05-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ جَاءَ فِي الفَتَاوَى الحَدِيثِيَّةِ لِلْإِمَامِ الحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ: وَسُئِلَ نَفَعَ اللهُ بِعُلُومِهِ وَبَرَكَتِهِ، فِي رَجُلٍ قَالَ: الْفَاتِحَةُ زِيَادَةً فِي شَرَفِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا تَعُدْ إِلَى هَذَا الَّذِي صَدَرَ مِنْكَ تَكْفُرُ فَهَلِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؟ وَهَلْ يَجُوزُ هَذَا الإِنْكَارُ وَالْحُكْمُ عَلَى الْقَائِلِ بِالْكُفْرِ وَمَا يَلْزَمُ الْمُنِكِرُ؟

فَأَجَابَ مَتَّعَ اللهُ بِحَيَاتِهِ بِقَوْلِهِ: لَمْ يُصِبْ هَذَا الْمُنْكِرُ فِي إِنْكَارِهِ ذَلِكَ، وَهُوَ دَالٌّ عَلَى قِلَّةِ عِلْمِهِ وَسُوءِ فَهْمِهِ بَلْ وَعَلَى قَبِيحِ مُجَازَفَتِهِ فِي دِينِ اللهِ تَعَالَى وَتَهَوُّرِهِ بِمَا قَدْ يَؤُولُ بِهِ إِلَى الْكُفْرِ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ إِذْ مَنْ كَفَّرَ مُسْلِمًا بِغَيْرِ مُوجِبٍ لِذَلِكَ كَفَرَ، عَلَى تَفْصِيلٍ ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، فَإِنْكَارُهُ هَذَا إِمَّا حَرَامٌ أَوْ كُفْرٌ فَالتَّحْرِيمُ مُحَقَّقٌ وَالْكُفْرُ مَشْكُوكٌ فِيهِ إِذْ لَمْ يَتَحَقَّقْ شَرْطُهُ فَعَلَى حَاكِمِ الشَّرِيعَةِ المُطَهَّرَةِ أَنْ يُبَالِغَ فِي زَجْرِ هَذَا الْمُنْكِرِ بِتَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ فِي عِظَمِ جَرَاءَتِهِ عَلَى الشَّرِيعَةِ المُطَهَّرَةِ وَكَذِبِهِ عَلَيْهَا بِمَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهَا بَلْ صَرَّحَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا بِخِلَافِهِ بَلِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ دَالَّانِ عَلَى أَنَّ طَلَبَ الزِّيَادَةِ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ مَحْمُودٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾. وَرَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «وَاجعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ».

وَطَلَبُ كَوْنِ الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ طَلَبٌ لِزِيَادَةِ عِلْمِهِ، وَتَرَقِّيهِ فِي مَدَارِجِ كَمَالَاتِهِ العَلِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ كَمَالُهُ مِنْ أَصْلِهِ قَدْ وَصَلَ الْغَايَةَ الَّتِي لَمْ يَصِلْ إِلَيْهَا كَمَالُ مَخْلُوقٍ، فَعُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْآيَةِ الكَريْمَةِ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ دَالٌّ عَلَى أَنَّ مَقَامَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَكَمَالَهُ يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ فِي الْعِلْمِ وَالثَّوَابِ وَسَائِرِ الْمَرَاتِبِ وَالدَّرَجَاتِ، وَعَلَى أَنَّ غَايَاتِ كَمَالِهِ لَا حَدَّ لَهَا وَلَا انْتِهَاءَ، بَلْ هُوَ دَائِمُ التَّرَقِّي فِي تِلْكَ المَقَامَاتِ الْعَلِيَّةِ وَالدَّرَجَاتِ السَّنِيَّةِ بِمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ وَيَعْلَمُ كُنْهَهُ إِلَّا اللهُ تَعَالَى؛ وَعَلَى أَنَّ كَمَالَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ جَلَالَتِهِ لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى مَزِيدِ تَرَقٍّ وَاسْتِمْدَادٍ مِنْ فَيْضِ فَضْلِ اللهِ وَجُودِهِ وَكَرَمِهِ الذَّاتِيِّ الَّذِي لَا غَايَةَ لَهُ وَلَا انْتِهَاءَ، وَعَلَى أَنَّ طَلَبَ الزِّيَادَةِ لَا يَشْعُرُ بِأَنَّ ثَمَّ نَقْصًا إِذْ لَا شَكَّ أَنَّ عِلْمَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ الْعُلُومِ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَمَرَهُ اللهُ بِطَلَبِ زِيَادَتِهِ فَلْنَكُنْ نَحْنُ مَأْمُورِينَ بِطَلَبِ زِيَادَةِ ذَلِكَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا أَمْرُنَا بِذَلِكَ فِيمَا يُنْدَبُ مِنَ الدُّعَاءِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ المُعَظَّمَةِ إِذْ فِيهِ: وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَعَظَّمَهُ وَحَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا. إِلَى آخِرِهِ.

وَهُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ حَجُّوا الْبَيْتَ وَهُمْ كُلُّ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا فِرْقَةً قَلِيلَةً مِنْهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ دَاخِلٌ فِيمَنْ شَرَّفَهُ وَعَظَّمَهُ وَحَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ، وَإِذَا عَلِمَ دُخُولَهُمْ فِي ذَلِكَ الْعُمُومُ مِنْ دَلَالَةِ الْعَامِّ ظَنِّيَّةً أَوْ قَطْعِيَّةً عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ عَلِمَ أَنَّا مَأْمُورُونَ بِطَلَبِ الدُّعَاءِ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَلِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ بِزِيَادَةِ التَّشْرِيفِ وَالتَّكْرِيمِ؛ وَأَنَّ الدُّعَاءَ بِزِيَادَةِ ذَلِكَ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَمْرٌ مَنْدُوبٌ مُسْتَحْسَنٌ، وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَكِنْ نَظَرَ فِي سَنَدِهِ ابْنُ كَثِيرٍ أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ كَيْفيَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهَا مَا يُصَرِّحُ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي مُضَاعَفَاتِ الْخَيْرِ وَجَزِيلِ الْعَطَاءِ. اهـ.

وَجَاءَ فِي كِتَابِ نِهَايَةِ المُحْتَاجِ إِلَى شَرْحِ المِنْهَاجِ: لِأَنَّ الْكَامِلَ يَقْبَلُ زِيَادَةَ التَّرَقِّي، فَانْدَفَعَ مَا زَعَمَهُ جَمْعٌ مِنِ امْتِنَاعِ الدُّعَاءِ لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ نَحْوِ خَتْمِ الْقُرْآنِ بِاللَّهُمِ اجْعَلْ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي شَرَفِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ أَعْمَالِ أُمَّتِهِ تَتَضَاعَفُ لَهُ نَظِيرُهَا؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِيهَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً لَا تُحْصَى، فَهِيَ زِيَادَةٌ فِي شَرَفِهِ. اهـ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَنَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الإِنْسَانُ فِي الصَّلَوَاتِ الشَّرِيفَةِ، وَقِرَاءَةِ القُرْآنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الطَّاعَاتِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي شَرَفِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَكْمَلُ العَالَمِينَ عَلَى الإِطْلَاقِ، وَلَكِنْ مَعَ كَمَالِهِ الَّذِي كَمَّلَهُ اللهُ تَعَالَى إِيَّاهُ، قَالَ لَهُ: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾. فَإِذًا يَقْبَلُ الزِّيَادَةِ مَعَ كَمَالِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَكَيْفَ لَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ عَلَى كَمَالِهِ وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ لَهُ: ﴿وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾. فَمَا مِنْ لَحْظَةٍ مِنَ اللَّحَظَاتِ إِلَّا وَيَزْدَادُ قُرْبًا وَرُقِيًّا وَشَرَفًا عَلَى سَائِرِ المَخْلُوقَاتِ في السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ؛ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَأَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يُعَطِّفَ قَلْبَهُ الشَّرِيفَ عَلَيْنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا فِي شَفَاعَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

421 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  الدعاء وآدابه

 السؤال :
 2025-04-19
 145
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ سَيِّدَنَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يَدْعُو فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ صَلَاةِ المَغْرِبِ، بَعْدَ سُورَةِ الفَاتِحَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾؟
رقم الفتوى : 13590
 السؤال :
 2025-03-03
 245
هَلْ يُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ في غَيْرِ الصَّلَاةِ؟
رقم الفتوى : 13499
 السؤال :
 2025-02-18
 230
مَا حُكْمُ الأَبَوَيْنِ اللَّذَيْنِ يُكْثِرَانِ مِنَ الدُّعَاءِ عَلَى وَلَدِهِمَا؟
رقم الفتوى : 13469
 السؤال :
 2022-12-25
 216
هَلْ يَجُوزُ الدُّعَاءُ عَلَى مَنْ ظَلَمَ المُسْلِمِينَ؟
رقم الفتوى : 12331
 السؤال :
 2022-06-07
 1185
مَا الأَدْعِيَةُ التي تَقِي الإِنْسَانَ مِنَ العَيْنِ؟
رقم الفتوى : 11986
 السؤال :
 2022-02-11
 1460
هَلْ هُنَاكَ دُعَاءٌ خَاصٌّ لِشَخْصٍ نُحِبُّهُ، مِنْ أَجْلِ هِدَايَتِهِ إلى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ؟
رقم الفتوى : 11783

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5702
المقالات 3234
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424534476
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :