الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: إِذَا كَانَ الإِنْسَانُ مَدِينَاً وَعِنْدَهُ مَا يَسُدُّ دَيْنَهُ وَوَقْتُ الدَّيْنِ مَا حَلَّ، لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الدَّائِنَ، وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَـهُ هَذَا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ في وَصِيَّتِهِ حُقُوقَ الدَّائِنِينَ حَتَّى يَقُومَ الوَرَثَةُ بِسَدَادِ الدَّيْنِ إِنِ انْتَهَى أَجَلُهُ.
ثانياً: أَمَّا إِذَا كَانَ مَدِينَاً وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَفِي دَيْنَهُ مِنْ نَقْدٍ أَو عَقَارٍ، فَهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الحَجُّ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ، وَشَرْطُ وُجُوبِ الحَجِّ الاسْتِطَاعَةُ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلَاً﴾. فَإِنْ أَرَادَ السَّفَرَ فَلَا بُدَّ مِنَ اسْتِئْذَانِ الدَّائِنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنْ وَأَدَّى الحَجَّ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ تَبْرَأُ وَيَصِحُّ حَجُّهُ، وَتَسْقُطُ عَنْهُ الفَرِيضَةُ، إِلَّا أَنَّهُ يَكُونُ آثِمَاً بِتَأْخِيرِ سَدَادِ الدَّيْنِ إِنْ حَلَّ الأَجَلُ وَلَمْ يُسَدِّدْ. هذا، والله تعالى أعلم.