الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالمُتَّفَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ أَنَّ الطَّلَاقَ المُعَلَّقِ يَقَعُ عِنْدَ حُصُولِ المُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَطَالَمَا أَنَّ الرَّجُلَ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتَهُ عَلَى قَتْلِ صَدِيقِهِ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَلَمْ يَقْتُلْهُ فَقَدْ وَقَعَ طَلَاقُهُ، وَبَانَتْ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بَيْنُونَةً كُبْرَى، لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ صَرِيحٌ.
وَلَكِنْ إِذَا صَدَرَ مِنْهُ اليَمِينُ في سَاعَةِ غَضَبٍ شَدِيدٍ، أَخْرَجَهُ عَنْ طَوْرِهِ، وَلَمْ يَعِ مَا يَقُولُ، وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ الأَمْرُ، وَأُغْلِقَ عَلَيْهِ فَطَلَاقُهُ لَا يَقَعُ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا طَلَاقَ وَلَا عِتَاقَ في إِغْلَاقٍ». أخرجه أحمد من حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَصَحَّحَهُ الحاكم.
أَمَّا إِذَا كَانَ يَعِي مَا يَقُولُ فَإِنَّ طَلَاقَهُ وَاقِعٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، وَلَكِنْ إِذَا كَانَ الأَمْرُ المُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْرَاً خَطِيرَاً كَهَذِهِ المَسْأَلَةِ فَلَا مَانِعَ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى مِنَ الأَخْذِ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ: بِأَنَّ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ يَقَعُ طَلْقَةً وَاحِدَةً. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |