الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَمِنْ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ حَلْقُ المُحْرِمِ رَأْسَهُ أَوْ رَأْسَ مُحْرِمٍ غَيْرِهِ إِذَا لَمْ يَفْرَغْ مِنْ أَدَاءِ النُّسُكِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الفُقَهَاءِ.
وَاخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ في حَلْقِ المُحْرِمِ للحَلَالِ، فَحَظَرَهُ الحَنَفِيَّةُ، وَأَجَازَهُ الجُمْهُورُ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ المُحْرِمَ حَلَقَ شَعْرًا لَا حُرْمَةَ لَهُ مِنْ حَيْثُ الإِحْرَامِ، فَلَا يُمْنَعُ وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ.
وَاسْتَدَلَّ الحَنَفِيَّةُ: بِأَنَّ المُحْرِمَ كَمَا هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ حَلْقِ رَأْسِ نَفْسِهِ مَمْنُوعٌ مِنْ حَلْقِ رَأْسِ غَيْرِهِ كَذَلِكَ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾.
وَالإِنْسَانُ لَا يَحْلِقُ رَأْسَ نَفْسِهِ عَادَةً، إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِ حَلْقُ رَأْسِ غَيْرِهِ حُرِّمَ عَلَيْهِ حَلْقُ رَأْسِ نَفْسِهِ مِنْ طَرِيقٍ أَوْلَى، وَسَوَاءٌ كَانَ المَحْلُوقُ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا. كَمَا جَاءَ في البَدَائِعِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَيَجِبُ عَلَيْكَ دَمٌ عِنْدَ السَّادَةِ الحَنَفِيَّةِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ عِنْدَ الجُمْهُورِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |