الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَلَا يَجُوزُ إِيدَاعُ الأَمْوَالِ في البُنُوكِ الرِّبَوِيَّةِ مَهْمَا كَانَتِ النِّيَّةُ، وَوَضْعُ المَالِ في البُنُوكِ لَا يُعْتَبَرُ شَرْعَاً وَدِيعَةً وَلَا أَمَانَةً، بَلْ هُوَ عَقْدُ قَرْضٍ، لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ، فَلَو قُلْنَا إِنَّهُ وَدِيعَةٌ وَأَمَانَةٌ فَإِنَّ البَنْكَ في مِثْلِ هَذَا الحَالِ لَا يَكُونُ ضَامِنَاً إِذَا تَلِفَ المَالُ، أَو سُرِقَ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْمِرَهَا، وَالأَمْرُ عَلَى خِلَافِ هَذَا.
وبناء على ذلك:
فَلَا يَجُوزُ إِيدَاعُ المَالِ في البُنُوكِ، وَلَو بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ لِأَنَّ الغَايَةَ الصَّحِيحَةَ يَجِبُ الوُصُولُ إِلَيْهَا بِطَرِيقٍ مَشْرُوعٍ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُسَاعِدَ أَصْحَابَ الحَاجَةِ قَرْضَاً أَو صَدَقَةً فَلْيَكُنْ مِنْ مَالٍ طَيِّبٍ لَا مِنْ مَالٍ خَبِيثٍ.
وَمَنْ وَقَعَ في ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ إلى اللهِ تعالى، لِأَنَّ الرِّبَا قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ حَرَامٌ، وَمُحَارَبَةٌ للهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، سَوَاءٌ في ذَلِكَ الآخِذُ وَالمُعْطِي، وَمَلْعُونٌ كُلٌّ مِنْهُمَا لِحَدِيثِ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ. أخرجه مسلم. هذا والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |