الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
هَذَا القَرْضُ قَرْضٌ رِبَوِيٌّ، وَالرِّبَا مُحَرَّمٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ، وَهُوَ مِنَ الكَبَائِرِ، وَمِنَ السَّبْعِ المُوبِقَاتِ، وَلَمْ يُؤْذِنِ اللهُ تعالى في كِتَابِهِ عَاصِيًا بِالحَرْبِ سِوَى آكِلِ الرِّبَا، قَالَ تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 279]، وَمَنِ اسْتَحَلَّهُ فَقَدْ كَفَرَ، لِإِنْكَارِهِ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، أَمَّا مَنْ تَعَامَلَ بِالرِّبَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِلًّا لَهُ فَهُوَ فَاسِقٌ.
وَالرِّبَا لَمْ يَحِلَّ في شَرِيعَةٍ مِنَ الشَّرَائِعِ قَطُّ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ﴾ [النساء: 161] يَعْنِي في الكُتُبِ السَّابِقَةِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
لَا يَجُوزُ هَذَا القَرْضُ الصِّنَاعِيُّ، لِأَنَّهُ قَرْضٌ رِبَوِيٌّ، وَأُذَكِّرُكَ يَا أَخِي بِأَنَّ عِنْدَ ابْنِ آدَمَ مَا يَكْفِيهِ، وَيَطْمَعُ بِالذي يُطْغِيهِ، لَا بِقَلِيلٍ يَقْنَعُ، وَلَا بِكَثِيرٍ يَشْبَعُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَإِيَّاكَ وَالطَّمِعَ فَإِنَّهُ الْفَقْرُ الْحَاضِرُ» رواه الحاكم في المستدرك وَالطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ.
وَإِنْ كُنْتَ مُضْطَرًّا كَمَا تَفَضَّلْتَ في سُؤَالِكَ للقَرْضِ، فَأَنَا أَنْصَحُكَ: عِوَضًا عَنِ القَرْضِ الرِّبَوِيِّ المُحَرَّمِ الذي وُعِدَ صَاحِبُهُ بِالمَحْقِ مِنْ قِبَلِ رَبِّنَا ، أَنْ تَبْحَثَ عَنْ شَرِيكٍ لَكَ، فَالشَّرِكَةُ مَعَ التَّقْوَى مُبَارَكَةٌ، وَاللهُ يَكُونُ ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ.
فَشَتَّانَ بَيْنَ عَبْدٍ يَجْعَلُ بَرَكَةَ اللهِ تعالى تَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنْ خِلَالِ شَرِكَةٍ مَشْرُوعَةٍ، وَبَيْنَ عَبْدٍ يَجْعَلُ سَخَطَ اللهِ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنْ خِلَالِ قَرْضٍ رِبَوِيٍّ مُحَرَّمٍ شَرْعًا. هذا، والله تعالى أعلم.