الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن المساجد لم تُبْنَ إلا لذكر الله تبارك وتعالى، فينبغي حفظها وصيانتها عن أن تكون مركزاً للدعاية والإعلان، إذ يلجأ بعض الجهال لعرض سلعته في بيوت الله تعالى متذرِّعاً بطباعة تقويم أو إمساكية أو غير ذلك، وكلُّ ذلك حرام لا يجوز.
وقد روى مسلم عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لا رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ؛ فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا).
وروى مسلم أيضاً عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً نَشَدَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى الجَمَلِ الأَحْمَرِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا وَجَدْتَ؛ إِنَّمَا بُنِيَتْ المَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ).
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح النووي على صحيح مسلم: (قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا وَجَدْت) وَأَمَرَ أَنْ يُقَال مِثْل هَذَا، فَهُوَ عُقُوبَة لَهُ عَلَى مُخَالَفَته وَعِصْيَانه، وَيَنْبَغِي لِسَامِعِهِ أَنْ يَقُول: لا وَجَدْت فَإِنَّ الْمَسَاجِد لَمْ تُبْنَ لِهَذَا. أَوْ يَقُول: لا وَجَدْت إِنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِد لِمَا بُنِيَتْ لَهُ. كَمَا قَالَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) انتهى.
وروى البيهقي في السنن أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنى إلى جانب المسجد رحبة فسماها البطيحاء، فكان يقول: (من أراد أن يلغط أو ينشد شعراً أو يرفع صوتاً فليخرج إلى هذه الرحبة).
وبناء على ذلك:
فيحرم وضع الإعلانات على التقاويم أو الإمساكيات ووضعها في المساجد، لأن بيوت الله عز وجل ما بنيت لهذا. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
