الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَأَفْضَلُ شَيْءٍ للمُسْلِمِ الاتِّبَاعُ، وَالخَطَرُ كُلُّ الخَطَرِ في الابْتِدَاعِ، وَكُلَّمَا خَفِيَتْ سُنَّةٌ ظَهَرَتْ بِدْعَةٌ، وَكُلَّمَا اخْتَفَتْ بِدْعَةٌ ظَهَرَتْ سُنَّةٌ، وَالسُّنَّةُ نُورٌ، وَالبِدْعَةُ ظُلْمَةٌ.
وَقَدْ جَاءَ في الحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ».
وَعَنْ سَيِّدِنَا عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلَاً جَاءَ الى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ جَلَسَ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَشْرٌ».
ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ.
فَقَالَ: «عِشْرُونَ».
ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ، فَجَلَسَ.
فَقَالَ: «ثَلَاثُونَ».
مِنْ هَذَا يَتَّضِحُ أَنَّ تَحِيَّةَ الإِسْلَامِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، يُحَيِّي بِهَا المُسْلِمُ أَخَاهُ المُسْلِمَ، إِذْ هَذِهِ التَّحِيَّةُ سَبَبٌ لِتَآلُفِ المُسْلِمِينَ، وَتَحْصِيلٌ لِثَوَابٍ عَظِيمٍ، وَسَبَبٌ لِشُيُوعِ السِّلْمِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، وَهَذَا مِنْ أُسُسِ الإِيمَانِ الذي هُوَ مِفْتَاحُ الجَنَّةِ.
فَالخَيْرُ لَنَا أَنْ نَتَمَسَّكَ بِسُنَّةِ الإِسْلَامِ، امْتِثَالَاً لِقَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ﴾. وَأَمَّا هَذِهِ الأَلْفَاظُ الشَّائِعَةُ، فَالأَوْلَى بِالمُسْلِمِ تَرْكُهَا، وَإِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فَاعِلَاً فَلْيَكُنْ بَعْدَ كَلِمَةِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى التَّحِيَّةِ بِالأَلْفَاظِ الشَّائِعَةِ ـ بَدَلَاً مِنْ كَلِمَةِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ـ أَيُّ شَيْءٍ، سِوَى تَرْكِ السُّنَّةِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |