الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد كانت عادة بعض الرجال في الجاهلية إذا غضب من زوجته يحلف أن لا يطأها سنة أو أكثر، ولا يُلام على ذلك، فتبقى زوجته كالمعلَّقة، فلا هي زوجة تتمتَّع بحقوق الزوجة، ولا هي مطلَّقة تستطيع أن تتزوَّج من رجل آخر، فيغنيها الله تعالى من سعته، كما قال تعالى: {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ}.
ولما جاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنصف المرأة، ووضع لهذه المشكلة أحكاماً خفَّفت من أضرارها، وحدَّد للرجل الذي يحلف أن لا يقرب زوجته أربع أشهر، وألزمه إما بالرجوع إلى معاشرة زوجته ويكفِّر عن يمينه، وإما أن يطلِّقها، قال تعالى: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم * وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيم}.
فالإيلاء: هو أن يحلف الزوج بالله عز وجل بأن لا يقرب زوجته أربعة أشهر أو أكثر، فإذا لم يحلف بالله تعالى لا يكون إيلاءً، ولو طالت مدة الامتناع أكثر من أربعة أشهر، ويعتبر هذا من سوء المعاشرة الزوجية.
وبناء على ذلك:
فما فعله الزوج مع زوجته ليس من المعاشرة بالمعروف، بل ربما أن يكون آثماً في ذلك، لأن هذا الهجر يضرُّ بالمرأة.
ولا يعتبر هذا الهجر إيلاءً، ولا يقع به الطلاق على زوجته ولو طالت المدة، فيجب على الزوج أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الظلم، وأن لا يجعل زوجته كالمعلَّقة لا هي زوجة ولا هي مطلَّقة، وليذكر قول الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}. وليذكر قول الله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
