الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول الله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]. وقال العلماء: هذا الأمر للإباحة، وقد يكون واجباً على الزوج إذا خشي على نفسه من الفتنة إذا لم يعدِّد، وقد يكون حراماً إذا غلب على ظن الزوج أنه لا يستطيع العدل إذا عدَّد نساءه.
ويقول مولانا عز وجل: {بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَة} [القيامة: 14]، فالعبد هو أدرى بحاجته من غيره، لأن الإنسان قد يخدع الآخرين، وقد يكون قوي الحجة، ولكنه لا يستطيع أن يخدع نفسه.
وبناء على ذلك:
فلا يوجد نصٌّ في القرآن العظيم ولا في السنة المطهَّرة يشجِّع على التعدُّد، بل يوجد التشجيع على الزواج بشكل عام، ومن تزوَّج امرأة فقد طبَّق السنة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) رواه ابن ماجه، وبقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) رواه البخاري ومسلم.
وأنا أنصحك بالاقتصار على هذه الزوجة الصالحة التقية كما قلتَ، إلا إذا كانت لك حاجة في التعدُّد، وأنت أدرى بنفسك، وربُّك عز وجل أدرى بك منك.
وإذا عزمت على الزواج بثانية فيجب عليك أن تعلم بأنك قادر على العدل بينهما، وإذا غلب على ظنِّك أنك لست بقادر على ذلك فيجب عليك الاقتصار على هذه الزوجة، حتى لا تقع تحت تحذير سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ) رواه أبو داود والنسائي. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |