الهدايا التي تقدمها الشركات لمن يشتري من بضائعها

427 - الهدايا التي تقدمها الشركات لمن يشتري من بضائعها

25-07-2007 2 مشاهدة
 السؤال :
أَعْلَنَتْ بَعْضُ الشَّرِكَاتِ الكُبْرَى عَنْ تَقْدِيمِ هَدَايَا غَالِيَةِ الثَّمَنِ ـ سَيَّارَةٍ ـ لِمَنْ يَشْتَرِي مِنْ سِلَعِهَا، وَالهَدِيَّةُ يَحُوزُ عَلَيْهَا المُشْتَرِي عَنْ طَرِيقِ القُرْعَةِ، حَيْثُ يَأْخُذُ المُشْتَرِي مَعَ السِّلْعَةِ المُشْتَرَاةِ وَرَقَةَ كُوبُون تَحْمِلُ رَقَمًا، وَتَتِمُّ القُرْعَةُ عَنْ طَرِيقِ المُؤَسَّسَةِ العَامَّةِ لِلْإِعْلَانَاتِ. فَمَا هُوَ الحُكْمُ الشَّرْعِيُّ في هَذِهِ الهَدِيَّةِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 427
 2007-07-25

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

الهَدِيَّةُ التي تُقَدَّمُ ضِمْنَ السِّلْعَةِ المَبِيعَةِ أَو المُرَافِقَةِ للسِّلْعَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ نُقُودَاً أَو سِلْعَةً أَو وَرَقَةَ سَحْبٍ هِيَ جُزْءٌ مِنَ المَبِيعِ بِدُونِ أَيِّ شَكٍّ /وَلَيْسَتْ هِبَةً/ لِأَنَّ الهِبَةَ هِيَ إِعْطَاءُ المَالِ لِأَحَدٍ إِكْرَامَاً لَهُ وَهِيَ تَمْلِيكٌ بِلَا عِوَضٍ، فَإِذَا كَانَتِ الهِبَةُ لَا تُعْطَى إِلَّا بِعَقْدِ شِرَاءِ سِلْعَةٍ (مَا) فَتُعْتَبَرُ هَذِهِ الهَدِيَّةُ جُزْءَاً مِنَ المَبِيعِ، لِأَنَّ المُشْتَرِيَ يُطَالِبُ بِهَا إِذَا مُنِعَتْ عَنْهُ، وَالهِبَةُ خِلَافُ ذَلِكَ.

أولاً: فَإِذَا كَانَتِ الهِبَةُ نُقُودَاً وَهِيَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ يُنْظَرُ:

إِذَا كَانَتْ هَدِيَّةُ النُّقُودِ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ وَمُسَاوِيَةً لَهُ أَو تَزِيدُ، فَسَدَ البَيْعُ، وَصَارَ حَرَامَاً، لِأَنَّهُ صَارَ هَذَا العَقْدُ بِمَنْزِلَةِ الصَّرْفِ، وَالصَّرْفُ يَجِبُ فِيهِ التَّسَاوِي بَيْنَ البَدَلَيْنِ عِنْدَ اتِّحَادِ الجِنْسِ، وَالتَّسَاوِي هُنَا مَعْدُومٌ.

2ـ إِذَا كَانَتْ هَدِيَّةُ النُّقُودِ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ، وَهِيَ أَقَلُّ مِنَ الثَّمَنِ جَازَ البَيْعُ، وَيُعَدُّ أَصْلُ المَبِيعِ هُوَ المُكَمِّلُ للثَّمَنِ؛ هَذَا مَعَ اشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ في مَجْلِسِ العَقْدِ، وَإِلَّا فَسَدَ البَيْعُ لِعَدَمِ التَّقَابُضِ.

3ـ وَإِذَا كَانَتْ هَدِيَّةُ النُّقُودِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ جَازَ البَيْعُ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ التَّقَابُضِ في مَجْلِسِ العَقْدِ.

ثانياً: أَمَّا إِذَا كَانَتِ الهِبَةُ سِلْعَةً كَسَيَّارَةٍ أَو غَسَّالَةٍ أَو مَا شَاكَلَ ذَلِكَ، وَهِيَ مَعْلُومَةُ المُوَاصَفَاتِ، وَيَسْتَحِقُّهَا المُشْتَرِي للسِّلْعَةِ بِدُونِ اقْتِرَاعٍ صَحَّ هَذَا البَيْعُ، وَهُوَ يَسْتَحِقُّ الهَدِيَّةَ لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنَ المَبِيعِ، وَالعُلَمَاءُ أَبَاحُوا بَيْعَ الخَسِيسِ بِالنَّفْيسِ.

ثالثاً: أَمَّا إِذَا كَانَتِ الهِبَةُ وَرَقَةَ كُوبون (سَحْبٍ) يَجْرِي عَلَيْهَا الاقْتِرَاعُ لِأَخْذِ سَيَّارَةٍ أَو غَسَّالَةٍ أَو مَا شَاكَلَ ذَلِكَ، فَالبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ القِمَارِ وَاليَانَصِيبِ، لِأَنَّ المُشْتَرِيَ اشْتَرَى السِّلْعَةَ مَعَ وَرَقَةَ السَّحْبِ، وَهَذَا هُوَ عَيْنُ القِمَارِ، وَهُوَ مِنَ الكَبَائِرِ المُحَرَّمَةِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

هَذِهِ العُقُودُ التي تَتِمُّ بَيْنَ المُسْتَهْلِكِ وَالمُنْتِجِ في شِرَاءِ السِّلْعَةِ، وَيُقَدَّمُ مَعَ السِّلْعَةِ وَرَقَةُ كُوبُون (سَحْبٍ) مِنْ أَجْلِ رِبْحِ السَّيَّارَةِ لِأَحَدِ المُشْتَرِينَ لَا تَجُوزُ شَرْعَاً، وَهِيَ مِنَ القِمَارِ وَ المَيْسِرِ المُحَرَّمِ شَرْعَاً، وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾.

وَمَفْسَدَةُ القِمَارِ وَالمَيْسِرِ أَعْظَمُ خَطَرَاً مِنْ مَفْسَدَةِ الرِّبَا، لِأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى مَفْسَدَتَيْنِ: الأُولَى: أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالبَاطِلِ، وَاللُه تعالى يَقُولُ: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾.

الثانية: وَمَفْسَدَةٌ لِأَنَّهَا تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ، لِقَوْلِهِ تعالى:﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

وَأَخِيرَاً أَقُولُ للإِخْوَةِ التُّجَّارِ: اتَّقُوا اللهَ تعالى فِيمَا أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ مِنْ نِعَمٍ، وَلَا تَزِيدُوا في أَمْوَالِكُمْ إِلَّا مَا كَانَ مَشْرُوعَاً، فَكُلُوا الحَلَالَ وَأَطْعِمُوا الحَلَالَ، وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ.

وَكُونُوا حَرِيصِينَ كُلَّ الحِرْصِ عَلَى لُقْمَةِ الحَلَالِ، لِأَنَّ العُلَمَاءَ الرَّبَّانِيِّينَ قَالُوا: كُلْ مَا شِئْتَ فَمِثْلَهُ تَعْمَلُ، فَمَنْ أَكَلَ الحَلَالَ فَقَدْ وُفِّقَ للطَّاعَةِ، وَمَنْ أَكَلَ الحَرَامَ وَقَعَ في المَعْصِيَةِ، وَأَرْجُو اللهَ تعالى لَنَا السَّدَادَ جَمِيعَاً.

وَإِنَّنِي أُضِيفُ إلى ذَلِكَ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الهَدِيَّةِ لِتَرْوِيجِ السِّلْعَةِ، فَلْتَجْعَلُوا بِطَاقَةً دَاخِلَ السِّلْعَةِ وَيُكْتَبُ عَلَيْهَا نَوْعُ الهَدِيَّةِ، وَيَأْخُذُهَا المُشْتَرِي الذي تَكُونُ مِنْ نَصِيبِهِ دُونَ سَحْبٍ أَو اقْتِرَاعٍ، وَبِذَلِكَ لَا تُعْتَبَرُ مِنَ القِمَارِ المُحَرَّمِ.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  البيوع والمعاملات المحرمة

 السؤال :
 2022-02-17
 318
هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ وَشِرَاءُ العُمْلَاتِ الرَّقَمِيَّةِ؟
 السؤال :
 2021-01-20
 189
سمعت فتوى من بعض العلماء من خلال قناة فضائية، بجواز بيع الخمر والخنزير لغير المسلمين، في بلاد الاغتراب، فما مدى صحة هذه الفتوى؟
 السؤال :
 2021-01-20
 857
رجل اشترى سلعة بالأقساط الشهرية، واشترط البائع عليه، بأنه إذا تأخر في دفع قسط من الأقساط، فإنه سيزيد عليه نسبة معينة جزاء التأخير، فما مدى صحة هذا العقد؟ هل هو صحيح والشرط لاغٍ، أم إنه عقد باطل؟
 السؤال :
 2021-01-20
 332
ما حكم شراء ورقة يانصيب؟ وإذا ابتلي الإنسان بذلك وربح مالاً من خلال ذلك، فما هو الواجب الشرعي عليه؟
 السؤال :
 2020-06-13
 1368
مَا حُكْمُ شِرَاءِ بَيْتٍ في دَوْلَةٍ أَوربيةٍ، عَنْ طَرِيقِ بَنْكٍ رِبَوِيٍّ، حَيْثُ أَقْسَاطُهُ أَقَلُّ مِنْ آجَارِ البَيْتِ؟
 السؤال :
 2018-12-19
 2192
لي مخصصات من مادة المازوت، وأنا لست بحاجة إليها، فهل يجوز أن أبيعها لجاري، وأطلب من البائع أن يفرغ المازوت في خزان جاري؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414372225
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :