الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالفارق بين التَبَسُّم والضحك، هو: أن التَبَسُّم أول الضحك، ويكون غالباً للسرور، أما الضحك فهو: انبساط الوجه وبُدوِّ الأسنان، فالضحك أعمُّ من التَبَسُّم، وإن كان بصوت، وكان يُسمع من بعيد فهو القهقهة.
وبذلك يكون لدينا ثلاث مراتب:
الأولى: التَبَسُّم، وهو ما كان بلا صوت، بل مجرد انفراج الفم.
الثانية: الضحك، وهو التَبَسُّم المصحوب بصوت خفيف.
الثالثة: الضحك، بصوت عال وهو القهقهة.
ويطلق التَبَسُّم على الضحك، كما في الحديث الشريف: (مَا كَانَ ضَحِكُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا تَبَسُّمًا) رواه الإمام الترمذي عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه.
وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا يكثر من الضحك، ولا يقهقه، بل كان: (طويلَ الصمتِ، قليلَ الضحكِ) وهما صفتان ينبغي أن يتحلَّى بهما المسلم: طولُ الصمتِ، وقلةُ الضحكِ. هذا أولاً.
ثانياً: أما قوله تعالى: عن سيدنا سليمان عليه السلام: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا}. فقال المفسرون: أي تبسَّم شارعاً في الضحك وآخذاً منه، يعني تجاوز حدَّ التَبَسُّم إلى الضحك، والتَبَسُّم الموصل إلى الضحك إنما هو عن سرور، ولا يُسَرُّ نبيٌ بأمر الدنيا، وإنما يُسَرُّ بما كان من الدين والآخرة.
وسبب تبسُّمِ سيدنا سليمان عليه السلام: هو قول النملة: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُون}. حيث أُعجب بما دلَّ من قولها على ظهور رحمته ورحمة جنوده، والتماس العذر لهم إذا هم حطَّموا النمل بدون شعور منهم. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |