الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَبَارَكَ اللهُ فِيكَ أَخِي السَّائِلُ عِنْدَمَا تَطْلُبُ أَقْوَالَ الفُقَهَاءِ في قَضِيَّةٍ (مَا) لِأَنَّهُ رَحِمَ اللهُ عَبْدًا عَرَفَ حَدَّهُ فَوَقَفَ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَتَجَاوَزْ قَدْرَهُ، فَنَحْنُ مُقَلِّدُونَ لِلْأَئِمَّةِ الفُقَهَاءِ الَّذِينَ قَبِلَتْهُمُ الأُمَّةُ مِنْ صَدْرِهَا الأَوَّلِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، في مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَالَّذِينَ عُرِفُوا بِحِرْصِهِمْ عَلَى الاتِّبَاعِ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِحِرْصِهِمْ عَلَى اجْتِنَابِ الابْتِدَاعِ في دِينِ اللهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ هُمُ الحِرْصَ عَلَى الاتِّبَاعِ وَإِرْشَادِ الأُمَّةِ لِلِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَمَنِ الَّذِي عِنْدَهُ هَذَا الحِرْصُ عَلَى الأُمَّةِ؟
أَمَّا أَقْوَالُ السَّادَةِ الأَئِمَّةِ الأَطْهَارِ في كَيْفِيَّةِ وَضْعِ اليَدَيْنِ في الصَّلَاةِ أَثْنَاءَ القِيَامِ فَهِيَ عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي:
عِنْدَ السَّادَةِ الحَنَفِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ يَضَعُهُمَا تَحْتَ السُّرَّةِ، بَعْدَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّ وَرُسْغِ اليُسْرَى، لِمَا رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ، ـ وَصَفَ هَمَّامٌ حِيَالَ أُذُنَيْهِ ـ ثُمَّ الْتَحَفَ بِثَوْبِهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنَ الثَّوْبِ، ثُمَّ رَفَعَهُمَا، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ، فَلَمَّا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمَّا، سَجَدَ سَجَدَ بَيْنَ كَفَّيْهِ.
وَفي رِوَايَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيَّ قَالَ: قُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَيْفَ يُصَلِّي؟
قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ قَامَ فَكَبَّرَ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى، وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ.
وَلِمَا رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ وَضْعُ اليَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ تَحْتَ السُّرَّةِ. وَهَذَا يَنْصَرِفُ إِلَى سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَخْذُ الْأَكُفِّ عَلَى الْأَكُفِّ فِي الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ.
وَعِنْدَ السَّادَةِ الشَّافِعِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ وَضْعُ اليَدَيْنِ تَحْتَ الصَّدْرِ وَفَوْقَ السُّرَّةِ، لِحَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الَّذِي أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |