لبس الخلخال للمرأة

5009 - لبس الخلخال للمرأة

31-03-2012 45377 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز شرعاً للمرأة أن تلبس الخلخال وتخرج فيه خارج بيتها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5009
 2012-03-31

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الأصلُ في التَّزيُّنِ الاستحبابُ، لقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}.

ولِما روى الإمام أحمد عَنْ أَبي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال: (خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَعَلَيْهِ مِطْرَفٌ مِنْ خَزٍّ لَمْ نَرَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلا بَعْدَهُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَنْعَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ نِعْمَةً، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَقَالَ رَوْحٌ بِبَغْدَادَ: يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ).

ويقول أبو العالية: كانَ المسلمونَ إذا تَزَاوَرُوا تَجَمَّلُوا.

وروى مكحول عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قَالَتْ: (كَانَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَهُ عَلَى البَابِ، فَخَرَجَ يُرِيدُهُمْ وَفِي الدَّارِ رَكْوَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ فِي المَاءِ وَيُسَوِّي لِحْيَتَهُ وَشَعْرَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنْتَ تَفْعَلُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى إِخْوَانِهِ فَلْيُهَيِّئْ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ).

ثانياً: أجمع الفقهاء على جواز اتِّخاذ المرأة أنواع حُلِيِّ الذهب والفضة جميعاً كالطَّوقِ، والعقدِ، والخاتمِ، والسوارِ، والخلخالِ، وكل ما يَعْتَدْنَ لبسه ولم يبلغ حدَّ الإسراف والتَّشبُّه بالرجال.

وإذا اتَّخذت المرأة خلاخل كثيرة للمغايرة في اللباس جاز، لأنَّه يجوز اتَّخاذ ما جرت عادتهنَّ بلبسِهِ، لإطلاق قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالحَرِيرُ لِلإِنَاثِ مِنْ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا) رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ثالثاً: يجب على المسلم كما يجب على المسلمة ألا يَقصِدَ بالتَّزيُّن التَّكبُّر ولا الخيلاء، لأنَّ قصدَ ذلك حرام.

يقول ابن عابدين في حاشيته ما نَصَّهُ: (اعْلَمْ أَنَّهُ لا تَلازُمَ بَيْنَ قَصْدِ الجَمَالِ وَقَصْدِ الزِّينَةِ.

فَالقَصْدُ الأَوَّلُ لِدَفْعِ الشَّيْنِ، وَإِقَامَةِ مَا بِهِ الوَقَارُ، وَإِظْهَارِ النِّعْمَةِ شُكْرًا لا فَخْرًا، وَهُوَ أَثَرُ أَدَبِ النَّفْسِ وَشَهَامَتِهَا.

وَالثَّانِي أَثَرُ ضَعْفِهَا، وَقَالُوا بِالْخِضَابِ، وَرَدَّتْ السُّنَّةُ وَلَمْ يَكُنْ لِقَصْدِ الزِّينَةِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ حَصَلَتْ زِينَةٌ فَقَدْ حَصَلَتْ فِي ضِمْنِ قَصْدٍ مَطْلُوبٍ فَلا يَضُرُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُلْتَفَتًا إلَيْهِ، فَتْحٌ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الوَلْوَالِجيَّةِ: لُبْسُ الثِّيَابِ الجَمِيلَةِ مُبَاحٌ إذَا كَانَ لا يَتَكَبَّرُ؛ لأَنَّ التَّكَبُّرَ حَرَامٌ، وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا كَمَا كَانَ قَبْلَهَا) اهـ .

رابعاً: اتَّفق الفقهاء على لا يجوز للمرأة أن تأتي من الأعمال ما يُلفتُ النظر إليها ويترتب عليه الافتتان بها، قال تعالى: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}. حيث كانت المرأة تمشي في الطريق وفي رِجْلِهَا خلخال صامت لا يُعلمُ صوته، فإذا مرَّ بها الرجال ضربت الأرض برجلها ليسمع الرجال طَنينَهُ، فنهى اللهُ سبحانه وتعالى النساءَ عن ذلك.

وبناء على ذلك:

 فلا حرج من لبس الخلخال للمرأة، بشرط ستره خارج البيت، وأمام الرجال الأجانب، وأن تقصد به التزيُّن لا التكبُّر والخُيَلاء والمباهاة والاستعلاء، وإذا مشت به في الطريق يجب أن لا يُسمعَ صوتُهُ. هذا، والله تعالى أعلم.  

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
45377 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام اللباس والزينة

 السؤال :
 2023-01-30
 435
مَا حُكْمُ عِلَاجِ شَعْرِ حَاجِبِ المَرْأَةِ بِمَا يُقَالُ عَنْهُ تَاتُو؟
رقم الفتوى : 12368
 السؤال :
 2021-12-30
 595
مَا الحَكْمُ الشَّرْعِيُّ في عَمَلِيَّاتِ التَّجْمِيلِ، وَخَاصَّةً للأَنْفِ، وَنَفْخِ الشِّفَاهِ؟
رقم الفتوى : 11660
 السؤال :
 2021-08-09
 1658
مَا حُكْمُ حِلَاقَةِ القَزَعِ التي نَرَاهَا في شَبَابِ المُسْلِمِينَ اليَوْمَ؟
رقم الفتوى : 11404
 السؤال :
 2020-10-06
 2662
هَلْ يَجُوزُ للمَرْأَةِ أَنْ تَعْقِصَ شَعْرَهَا للزِّينَةِ؟
رقم الفتوى : 10691
 السؤال :
 2020-09-10
 2000
ظَهَرَ حَدِيثًا تِقَنِيَّةٌ جَدِيدَةٌ تَسْتَخْدِمُهَا بَعْضُ النِّسَاءِ لِتَجْمِيلِ الحَاجِبَيْنِ تُسَمَّى بـ(المايكروبليدنج) تَعْتَمِدُ عَلَى رَسْمٍ ظَاهِرِيٍّ للحَوَاجِبِ عَلَى الطَّبَقَةِ الخَارِجِيَّةِ للجِلْدِ، بِوَاسِطَةِ حِبْرٍ خَاصٍّ لَا يَتَسَرَّبُ إلى أَعْمَاقِ البَشَرَةِ، حَيْثُ يَقُومُ المُخْتَصُّ بِمَلْءِ الفَرَاغَاتِ وَتَحْدِيدِ الشَّكْلِ مِنْ دُونِ إِزَالَةِ الشَّعْرِ الطَّبِيعِيِّ، يَتِمُّ ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ قَلَمٍ مُخَصَّصٍ للرَّسْمِ عَلَى مِنْطَقَةِ الحَاجِبِ، وَتُسْتَخْدَمُ هَذِهِ التِّقَنِيَّةُ لِمُعَالَجَةِ عُيُوبِ الحَوَاجِبِ، كَالعُيُوبِ الخَلْقِيَّةِ أَو قِلَّةِ كَثَافَةِ الحَاجِبَيْنِ أَو تَسَاقُطِهِمَا النَّاتِجِ عَنْ أَسْبَابٍ مَرَضِيَّةٍ أَو غَيْرِ مَرَضِيَّةٍ، كَمَا يُمْكِنُ اسْتِخْدَامُ هَذِهِ التِّقَنِيَّةِ كَنَوْعٍ مِنَ الزِّينَةِ كَتَغْيِيرِ لَوْنِ الحَاجِبَيْنِ أَو لِإِعْطَائِهِمَا مَظْهَرًا أَفْضَلَ، وَيَسْتَمِرُّ هَذَا الرَّسْمُ أَو اللَّوْنُ مُدَّةً قَدْ تَصِلُ إلى سَنَةٍ، فَمَا حُكْمُ اسْتِخْدَامِ هَذِهِ التِّقَنِيَّةِ؟
رقم الفتوى : 10636
 السؤال :
 2020-09-06
 339
سَمِعْنَا في فَتْوَى بِعُنْوَانِ: طِيبُ النِّسَاءِ، بِأَنَّ مَا تَسْتَعْمِلُهُ المَرْأَةُ مِنَ الأَصْبَاغِ وَالمِكْيَاجِ وَالمَسَاحِيقِ التي لَهَا لَوْنٌ دُونَ رَائِحَةٍ، هَذَا إِذَا أَرَادَتِ الخُرُوجَ مِنْ بَيْتِهَا، أَمَّا دَاخِلَ بَيْتِهَا فَإِنَّهَا تَتَطَيَّبُ بِمَا شَاءَتْ مِمَّا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ، وَمِمَّا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ. هَلْ هَذَا يُفِيدُ بِأَنَّ المَرْأَةَ التي تَكْشِفُ عَنْ وَجْهِهَا في الشَّارِعِ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَضَعَ الأَصْبَاغَ وَالمِكْيَاجَ وَالمَسَاحِيقَ، وَكَذَلِكَ المَرْأَةُ في بَيْتِهَا تَضَعُ مَا تَشَاءُ مِنَ الطِّيبِ الذي ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ، وَمَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ بِشَكْلٍ مُطْلَقٍ، وَرُبَّمَا هِيَ تَخْتَلِطُ مَعَ الرِّجَالِ الأَجَانِبِ في بَيْتِهَا؟
رقم الفتوى : 10627

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414310130
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :