الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: يجبُ على المَدينِ أن يُسدِّدَ الدَّينَ الذي عليه إذا حَلَّ أجلُهُ، وطالبَ به الدَّائنُ، وإلا كانَ ظالماً، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثانياً: يُستحبُّ للدَّائنِ أن يُطالبَ بِدَينِهِ بأسلوبٍ لطيفٍ، وأن يكونَ سَمْحاً في المُطالبةِ، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحاً إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى» رواه الإمام البخاري عَن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
ثالثاً: من حقِّ الدَّائنِ أن يرفعَ أمرَهُ إلى القاضي لِمُطالبةِ المَدينِ بدَينِهِ الحالِّ، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «فَإِن اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهُ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها.
رابعاً: ترويعُ المؤمنِ لا يجوزُ بحالٍ من الأحوالِ، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «مَنْ أَخَافَ مُؤْمِناً بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ عَلَى اللهِ أَنْ لا يُؤَمِّنَهُ مِنْ أَفْزَاعِ يَوْمِ القِيَامَةِ» رواه الطبراني عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «لا تُرَوِّعُوا المسلِمَ فَإِنَّ رَوعَةَ المسلِمِ ظُلمٌ عَظيمٌ» رواه البزار والطبراني عن عامرِ بنِ رَبيعةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِماً» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «مَن نَظَرَ إلى أَخيهِ نَظْرَةً تُخيفُهُ أَخَافَهُ اللهُ يومَ القيامَةِ» رواه البيهقي عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يُرَوِّعَنَّ مُسْلِماً» رواه الطبراني عَنْ سُلَيْمَانَ بن صُرَدَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
وبناء على ذلك:
فلا يحقُّ للدَّائنِ أن يستَرِدَّ دَينَهُ عن طريقِ ترويعِ المَدينِ من قِبَلِ أشخاصٍ ظاهِرُهُمُ الإجرامُ، لأنَّ حقَّ التَّعزيرِ للقاضي، وليسَ لهم، ولكن إن عجزَ عن أخذِ حقِّهِ عن طريقِ القضاءِ، فلا حَرَجَ من أخذِ حقِّهِ خِفيةً إنِ استطاعَ، وبعدَ أخذِهِ حقَّهُ عليه أن يُعلِمَ المَدينَ بذلك، حتى يُبرئَ ذِمَّتَهُ، وحتى لا يَتَّهِمَ المدينُ أحداً بالسَّرقةِ.
فإن عجزَ عن تحصيلِ حقِّهِ بكلِّ الطُّرُقِ المشروعةِ، فليعتبِرِ الأمرَ مُصيبةً وَقَعَت عليه، وليتذكَّر قولَ اللهِ تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |