الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالنَّفَقَةُ واجبةٌ على الزَّوجِ نحوَ زوجتِهِ، وذلكَ لقولِهِ تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى * لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾. ولما روى الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قَالَتْ: (دَخَلَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ لَا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ»).
وذَهَبَ جمهورُ الفقهاءِ إلى أنَّهُ لا يَصِحُّ الإبراءُ من نَفَقَةِ الزَّوجةِ حتَّى تُصبِحَ دَيناً قائماً في ذِمَّةِ زوجِها، أمَّا قبلَ شَغْلِ ذِمَّةِ الزَّوجِ بها فلا يصِحُّ إبراءُ الزَّوجِ عنها، لأنَّ الإبراءَ لا يكونُ إلا من دَينٍ قائمٍ موجودٍ.
وبناء على ذلك:
فشرطُكَ على زوجتِكَ أنَّهُ لا نَفَقَةَ لها عليك قبلَ العقدِ شرطٌ لاغٍ لا قِيمةَ له، ولو قَبِلَت بذلكَ المخطوبةُ، لأنَّ واجبَ النَّفَقَةِ عليها لا يكونُ إلا بعدَ العقدِ والدُّخولِ بها، وهذا الحقُّ يتجدَّدُ كلَّ يومٍ، ويصِحُّ الإبراءُ عن كلِّ يومٍ بِيَومِهِ.
ويجبُ عليكَ أن تعلمَ بأنَّ النَّفَقَةَ واجبةٌ على الزَّوجِ ولو كانَ فقيراً وزوجتُهُ غنيَّةً، كما يجبُ عليكَ أن تعلمَ بأنَّ العقدَ على المرأةِ بغيرِ إذنِ وليِّها باطلٌ عندَ جمهورِ الفقهاءِ عدا الحنفية رَضِيَ اللهُ عَنهُم جميعاً. هذا، والله تعالى أعلم.