الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَلَطَالَمَا أَنَّ هَذِهِ الشَّرِكَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَسَاسٍ مِنَ المُقَامَرَةِ وَالغَرَرِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا مِنَ المُقَامَرَةِ مَا يَدْفَعُهُ مُرِيدُ الوَكَالَةِ لِلشَّرِكَةِ مِنْ مَالٍ لِيُصْبِحَ وَكِيلًا عَنِ الشَّرِكَةِ، أَلَا تَرَى يَا أَخِي أَنَّهُ مَا دَفَعَ هَذَا المَالَ إِلَّا لِيَأْخُذَ أَضْعَافًا مِنْهُ؟
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى التَّائِبِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَرِدَّ مَالَهُ فَقَطْ، بِدُونِ زِيَادَةٍ إِنِ اسْتَطَاعَ، لِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾. وَيَكُونُ هَذَا الاسْتِرْدَادُ مِنَ الشَّرِكَةِ حَصْرًا، لِأَنَّكَ لَوْ أَرَدْتَ أَنْ تَبِيعَ وَكَالَتَكَ فَهُوَ بَيْعٌ غَيْرُ شَرْعِيٍّ.
وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُ هَذَا المَبْلَغِ مِنَ الشَّرِكَةِ فَاحْتَسِبِ الأَمْرَ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاعْتَبِرْ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ المُصَابِ المُشَارِ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾.
فَكَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَيْكَ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ حُكْمِ التَّعَامُلِ مَعَ هَذِهِ الشَّرِكَةِ قَبْلَ الاشْتِرَاكِ مَعَهَا. هذا، والله تعالى أعلم.