الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ».
وروى الإمام مسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَاسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ فَلْيَضْطَجِعْ».
ثانياً: ذَهَبَ جُمهورُ الفُقَهاءِ إلى أنَّ النَّومَ ناقِضٌ للوُضوءِ في الجُملَةِ، مُستَدِلِّينَ بِحَديثِ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ ـ حَلْقَةُ الدُّبُرِ ـ فَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» رواه ابن ماجه عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وبِحَديثِ مُعَاوِيَةَ بْن أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَيْنَيْنِ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَت الْعَيْنَانِ اسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ» رواه الإمام أحمد.
ومَعنى الحَديثِ الشَّريفِ أنَّ الإنسانَ مهما كانَ مُستَيقِظاً كانَت أُسْتُهُ كالمَشدودَةِ المَوْكِيِّ عَلَيها، فإذا نامَ انحَلَّ وِكاؤُها، كُنِّيَ بهذا اللَّفظِ عن الحَدَثِ وخُروجِ الرِّيحِ، وهوَ أحسَنُ الكِناياتِ وألطَفُها.
وقالوا: وإن كانَ النَّائِمُ قائِماً أو راكِعاً أو ساجِداً فإنَّهُ إن كانَ في الصَّلاةِ لا يَنتَقِضُ وُضوءُهُ، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ سَاجِداً وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ، فَإِنَّهُ إِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ» رواه الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.
وفي روايةٍ للبَيهقي عن عَبدِ السَّلامِ بنِ حَربٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «لا يَجِبُ الوُضوءُ على من نَامَ جَالِساً أو قَائِماً أو سَاجِداً حتَّى يَضَعَ جَنبَهُ، فَإِنَّهُ إِذَا وَضَعَ جَنبَهُ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ».
وإن كانَ خارِجَ الصَّلاةِ فكذلكَ على الصَّحيحِ إن كانَ على هَيئَةِ السُّجودِ، بأن كانَ رافِعاً بَطنَهُ عن فَخِذَيهِ، مُجافِياً عَضُدَيهِ عن جَنبَيهِ، وإلا انتَقَضَ وُضوؤُهُ.
وبناء على ذلك:
فإذا كانَ نَومُكَ نَومَ المُتَمَكِّنِ فَصَلاتُكَ صَحيحَةٌ إن شاءَ اللهُ تعالى، والأَولى إذا كُنتَ في نُعاسٍ شَديدٍ وأنتَ تُصَلِّي النَّافِلَةَ، نَمْ، ثمَّ استَيقِظْ وصَلِّ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |