الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فاللَّيلَةُ التي يُفرَقُ فيها كُلُّ أمرٍ حَكيمٍ هيَ اللَّيلَةُ التي أنزَلَ اللهُ تعالى فيها القُرآنَ من اللَّوحِ المَحفوظِ إلى السَّماءِ الدُّنيا دَفعَةً واحِدَةً، ثمَّ نَزَلَ على قَلبِ سيِّدِنا محمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُنَجَّماً ـ مُفَرَّقاً ـ.
واللَّيلَةُ التي أُنزِلَ فيها القُرآنُ العَظيمُ دَفعَةً واحِدَةً من اللَّوحِ المَحفوظِ هيَ لَيلَةُ القَدرِ، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر﴾.
ويقولُ الإمامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في شَرحِ صَحيحِ مُسلِم: قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَسُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؛ لِمَا يُكْتَبُ فِيهَا لِلْمَلَائِكَةِ مِن الْأَقْدَارِ وَالْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ الَّتِي تَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم﴾.
ويقولُ القاضي أبو بكر العربي: وجُمهورُ العُلَماءِ على أنَّها لَيلَةُ القَدرِ، ومنهُم من قالَ: إنَّها لَيلَةُ النِّصفِ من شَعبانَ، وهوَ بَاطِلٌ، لأنَّ اللهَ تعالى قالَ في كِتابِهِ الصَّادِقِ القَاطِعِ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ فَنَصَّ على أنَّ مِيقَاتَ نُزولِهِ رَمضان، ثمَّ عَيَّنَ من زَمانِهِ اللَّيلَ ها هُنا بِقَولِهِ: ﴿في لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ﴾.
وبناء على ذلك:
فاللَّيلَةُ التي يُفرَقُ فيها كُلُّ أمرٍ حَكيمٍ هيَ لَيلَةُ القَدرِ، وذلكَ استِناداً على النُّصوصِ الواضِحَةِ من القُرآنِ العَظيمِ التي تُفيدُ إفادَةً قاطِعَةً بذلكَ، وهيَ ليسَت لَيلَةَ النِّصفِ من شَهرِ شَعبانَ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |