الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالمَوْضُوعُ يَحْتَاجُ إِلَى حُضُورِ كُلٍّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّأْنِ فِي هَذَا المَوْضُوعِ لِسَمَاعِ كَلَامِ الطَّرَفَيْنِ، حَتَّى يَكُونَ الجَوَابُ مُوَافِقًا لِلْوَاقِعِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، إِذَا ثَبَتَ تَقْصِيرُ أَهْلِ المُنْشَأَةِ وَكَانُوا مُتَسَبِّبِينَ فِي وَفَاةِ العَامِلِينَ فَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلى عَاقِلَةِ أَصْحَابِ المُنْشَأَةِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَى أَصْحَابِ المُنْشَأَةِ.
أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ أَصْحَابُ المُنْشَأَةِ مُتَسَبِّبِينَ فِي وَفَاةِ العَامِلَيْنِ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمُ الكَفَّارَةُ وَلَا الدِّيَةُ، وَإِذَا أَخَذَ أَهْلُ العَامِلَيْنِ شَيْئًا مِنَ المَالِ مِنْ أَصْحَابِ المُنْشَأَةِ عَنْ طَرِيقِ القَضَاءِ فَهُوَ مَالٌ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، لَا يَحِلُّ لَهُمْ، إِلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْ أَصْحَابِ المُنْشَأَةِ.
وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَطْلُبُوا مِنْ أَهْلِ العَامِلَيْنِ أَنْ يَحْتَكِمُوا إِلَى شَرْعِ اللهِ فِي قَضِيَّتِهِمْ، فَإِنْ أَبَوْا إِلَّا عَنْ طَرِيقِ القَضَاءِ، فَأَنَا أَنْصَحُكُمْ بِالمُصَالَحَةِ مَعَهُمْ وَأَنْ تَحْتَسِبُوا هَذَا الأَمْرَ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَكُونَ هَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾. فَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الابِتْلَاءِ، وَللهِ الحَمْدُ أَنَّهُ فِي المَالِ وَلَيْسَ فِي الدِّينِ وَلَا فِي الجَسَدِ. هذا، والله تعالى أعلم.